بحاجة ماسة لرعاية صحية ونفسية لهن ولأطفالهن نساء فلسطينيات يروين حكايتهن مع الولادة تحت القصف الإسرائيلي
يوليو 27, 2014
مجزرة رفح شهادة مكلومة بدأ باكرا اكثر مما تصورون.!.!
يوليو 30, 2014

ستون شهيدا سبعون بل مئة شهيد في ليلة واحدة أي جرأة هذه التي سمحت لي بنطقهم أرقاما ..زاغت عيناي في الأسماء الطفلات إيمان وتالا وديما ورهف وسامية وغادة ومرح وو الأمهات والصبايا هالة وإسراء وسعاد وسمر وشيرين وعائشة فاطمة وفداء ..!! الآباء… أحمد وخليل وخالد وعائد وعاهد وعبد الرحمن ووو .. كيف أجرؤ أن أسقط اسما منها كيف أجرؤ أن أنطق الأسماء فحسب يجب أن أخبركم بما كانوا يفعلون آخر ساعة من حياتهم تكريما لموتهم.. أخبركم عن خوفهم عن جزعهم عن حلم الطفولة وأسئلة كثيرة برزت في رؤوسهم وسألوها لكن لا إجابة كانت تأتيهم بل صوت الانفجارات !!
خرجوا من بيوتهم ثم عادوا ثم خرجوا ثم عادوا ولكنهم لم يجدوا أنفسهم خارج بيوتهم فكل غزة مهددة كل شبر فيها غير آمن وقد تشردت بهم الشوارع وتاهوا في قسوة الحياة !! فعادا والتجأوا إلى بيوتهم أغلقوا الأبواب على أنفسهم وحاولوا أن يتسحروا التجأوا إلى بيت الدرج والتصقوا ببعضهم البعض القذائف تتلقفها السماء عدة مرات لتحميهم من حولها .. لكن الوجع أكبر من أن توقفه السماء لأن أنفاسهم قد باتت معدودة في الحياة ..الصغيرة غفت على قدم أمها والأم جلست وقد أسندت رأسها وظهرها للحائط بينما بجانبها زوجها خلفه ابنته وأمه والصغار حولهم بالمكان يحاولون ان يضعوا القطن في آذانهم علهم يحظوا بدقائق للنوم بعد ان غدت عيونهم مسهدة ليل نهار .

***
الطفلة: ماما لا أستطيع النوم صوت المدافع قريب جدا.!!
الأم تضع القطن في أذن الصغيرة علها تغفو
الجدة: من نكبة فلسطين وهم بيلحقوا فينا وبقتلونا
الأب/الابن: وحدوا الله كلها ساعة وتهدى الأمور ولا تخافوا احنا بأمان بيت الدرج أكثر مكان آمن
الطفل: وإذا ضربونا والبيت وقع على رؤوسنا وإحنا نايمين؟
طفلة أخرى: بنروح ع الجنة بس ما تخاف مش راح ننام راح نظل صاحيين لما يطلع الصبح
القنبلة تنفجر في العائلة ويسبحون في نهر من الدم!! فسكتوا عن الكلام وسكتوا عن الخوف وسكتوا عن الحياة وتركوا لنا بقايا قصص نلوكها من العجر والقهر والألم، نورثها لأطفالنا عن أهل لهم في الشجاعية التي لم تنطفىء النار فيها بعد..!!

***
القذيفة انفجرت في وسطهم هكذا دون مقدمات … البيت أضئ فجأة بنور أحمر قوي جدا أحال حلكة الظلام إلى نهار فج ..تقاذفت حمم القذيفة والمسامير الدقيقة التي تحملها لتنغرز في كل أهل البيت الطفلة الممددة ظلت ممددة على وسادتها والأم المستندة للحائط ظلت كما هي مع فارق بسيط تسربلت كل ثيابها بالدم ومالت رأسها للأسفل لكنها ظلت جالسة .. الموت جلوسا أفضل من التفتت!! الزوج تلقى القئبلة في وجهه فبات آخر والبنت التي خلفه ظلت جالسة مثل أمها بينما رأسها تدلى إلى ركبتيها وجديلتها تشهد انها كانت يقظة وأن لها أحلام كثيرة أولها أن تشتري ثيابا للعيد القادم بعد عشرة أيام .. أما الجدة فظلت نصف ممددة لكن دمها بات بركة كبيرة اختلطت فيها دماء كل أهل البيت كبارا وصغارا..!!
الفراش غرق ببركة الدماء والثياب والأجساد كلها شربت وارتوت إلا أصحاب البيت لم يدركوا ماحل بهم لأن أحدا منهم لم يبق على قيد الحياة..!!

***
الرجل الثمانيني يفترش الأرض الأسفلتية .. جلبيته الداكنة تلطخت بالغبار الأبيض وبالدماء.. يبكي دون دمع فقد أضناه كبر سنه ليعيش هول الحكاية.. يحاول عجوز آخر مساندته وإيقافه دون قدرة لكليهما على الوجع على الفقدان .. رآهم جميعا.. أهل الدار وقد تمزقوا إربا وفارقوا الحياة لم يعرف بعد من بقى على قد الحياة من فارق.. الحزن والفجيعة ألمت به فغدا كتلة عظم وبعض لحم بعد أن تمزق قلبه بفعل الألم.. ولم يعد يقوى على الكلام.

***
لم أعد أرغب في سماع صوت المدافع ..صراخ الطائرات ..انفجار الأطفال أشلاءا.. لم أعد أرغب في دوي غزة في رأسي.. أنا بخير لكن روحي قد انسلت من أعماقي.. وهم بخير لكنهم ذبحوا حتى الوريد .. والآخرون تماما بخير لأنهم لم يعودوا مهددون فقد قتلوهم في وضح النهار وفي عمق الليل..!! لو يرجع الزمن لن يعودوا أبدا لحياتهم فقد قتلوا عدة مرات

***
كان هنا بيتا وعصافير.. كان هنا براعم نبتة بالكاد ولدت.. وهنا ولد وبنت يلعبان

***
في الحرب فقدت تقديري للأيام والتواريخ لم أعد متأكدة من الساعات أيضا كل ما أنا متأكدة منه صوت الانفجارات المتتالية التي تهز أرجاء الروح، وهدير الطائرات الحربية في الأجواء طيلة الدقائق والساعات التي نفتح أعيننا فيها وما عادت تغلق، في الحرب فقدت شهوتي للحياة ولم اعد أنا الناطقة حياة وبحثا عن الحرية والحياة لم أعد أفهم مغزى حياتنا كفلسطينيين تحت حصار وقتل وذبح منذ ولادتنا وطفولتنا وشبابنا وها نحن ذا قد هرمنا في اليوم العشرون فقط أصبحنا أكبر من أعمارنا فكل يوم من هذه الحرب بمثابة عام وأكثر.. عام عشناه كل دقيقة وكل ثانية فيا روح الروح ويا نبض القلب الذي ذابت فيه أيامنا وتسارعت عقارب أعمارنا فلم نعد كما كنا قبل عشرون يوما..!!
كل غزة أصبحت أكبر عمرا وأكثر ألما ووجعا لقد شهدت ذبحها ببطء وأمام شاشات العالم بأكمله البعض ذرف الدمع لكن شيئا لم يتغير ظل الدم ينزف وظل الألم يتعاظم لكنها لم تركع فقد سئمت موتها البطىء وبكت بكت غزة كثيرا على أطفالها ونسائها وعجائزها الذين باتوا جبل من الدم واللحم والدمى وحجارة البيوت تلك التي نطقت في وقت صمت فيه البشر..!!
في الحرب فقدت قدرتي على الفرح أو الابتسام فقدت قدرتي على الحياة فقد اعتصر قلبي الحزن والخوف على أطفال غزة وبشاعة المحتل.. غزة هي حجارة البيوت ووجوه النساء، وهي شوارع وأزقة صغيرة ومخيمات يعجنها الاحتلال بقصفه صباح مساء بطائراته القذرة وجنوده ودباباته.. غزة هي ألواح من الأسبست وعظام بنايات وأبراج ما عادت في مكانها، ورؤوس لم تعد لأصحابها .. غزة هي أم فقدت أطفالها وباتت تناديهم طيلة الليل، وهي أبناء لم تعد أمهم بعد أن تحولت إلى شظايا من لحم وغبار.. غزة هي الروح التي تنتفض لأجل فلذات أكبادها.. هي الأرض والسماء..
ستبقي يا غزة رغما عنهم جميعا..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *