فعالية ثقافية تحيي يوم الأرض وقراءة بكتاب “كفاح نساء فلسطين”

الاحتفاء بيوم الأرض وعرض لكتاب كفاح نساء فلسطين
مارس 31, 2022
منظمة النهضة (أرض) تحيي ذكرى يوم الأرض.. وتبرز كفاح المرأة الفلسطينية
أبريل 4, 2022

عزيزة علي

عمان- بمناسبة “يوم الأرض”، أقامت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية “أرض”، فعالية تضمنت قراءة في كتاب “كفاح نساء فلسطين”، للمؤلفة محاسن الأمام.
واشتملت الفعالية تقديم النائب السابق خالد رمضان قراءة في الكتاب، كما تحدث الزميل أحمد الطراونة عن دور المرأة الأردنية في النضال الوطني، أدار النشاط رئيس ملتقى النهضة العربي الثقافي باسل الطراونة.
باسل الطراونة طلب الوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء، وتحدث عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وعن التقارير الدولية التي رصدت تلك الانتهاكات اتجاه الشعب الفلسطيني، مشددا على الوحدة الوطنية بين الأردن وفلسطين.
البداية كانت مع تسجيل لأغنية من كلمات الشاعر الأردني حيدر محمود، وهي بعنوان “احنا اللي صحينا الشمس من نومها”.
وبدأ خالد رمضان كلمته بتوجيه التحية احتراما للشهداء، ولأسرانا في سجون الاحتلال الصهيوني، لشعبنا العربي الفلسطيني الصامد أمام آلة البطش الصهيوني، قائلا: نبدأ بفلسطين في شهر آذار، لأن ضياء ارتقى نجما في سماء الوطن، ولأن النجوم بلادنا ضياء مستمرة، ولأنه على هذه الأرض، أم الحكايات أم الروايات، لافتا الى انه ليست صدفة أن يبدأ شهر آذار بالمرأة وينتهي بالأرض، وليست صدفة أن نتحدث عن المرأة حبا، لأن المرأة هي الأم، لأنها كرامتنا، فأمنا الأرض زينها ونسج روايتها فنانون وروائيون، سواء كانوا مسرحيين، مغنيين أو مثقفين.
وقال رمضان: عندما كتبت محاسن كتابها “نساء من نور”، كانت تقرأ في الضمر المستتر ماذا يعني نضالات المرأة العربية والعالمية، مبينا أن محاسن غزلت الليل مع النهار، فهي صحفية ومذيعة، لذلك جاء إشهار هذا الكتاب في يوم الأرض، كل الأرض العربية، مؤكدا على الوحدة بين الأردن وفلسطين وجميع الدول العربية، لأن قضية فلسطين هي قضية العرب كلهم.
وتحدثت الامام عن تجربتها في الكتابة قائلة في العام 1994، هجرت الصحافة اليومية واتجهت الى الكتابة التوثيقية من أجل أن نحافظ على تاريخ النساء، وفي العام 1994، أصدرت الجزء الأول من كتاب يتحدث عن نضال النساء، فكان الكتاب الأول عن المرأة: “الفلسطينية، الأردنية، العراقية، والعُمانية”، بعد ذلك اشتغلت رئيسة تحرير لـ”صوت المرأة”، وفي العام 1999، أسست مركز الاعلاميات العربيات، وهذا المركز كان عبارة عن مظلة لكل الاعلاميات العربيات، وفتحت فروع لها في كل الوطن العربي.
وأشارت الإمام الى كتاب “كفاح نساء فلسطين”، الذي جاء بمناسبة مرور مائة عام على نضالات المرأة الفلسطينية، لافتة الى أن المرأة الفلسطينية تختلف عن كل نساء العالم، فهي تدافع عن قضيتها وعن تحرير وطنها وعن تربية أبنائها، وقد قمت بترجمة هذا الكتاب الى اللغة الإنجليزية حتى يصل الى أكبر عدد من الناس للاطلاع على نضال المرأة الفلسطينية خارج الوطن العربي.
في هذا الكتاب التاريخي، بحسب الامام: “حاولت أن تكون كل المعلومات أكيدة، حيث أجرينا لقاءات مع أحفاد بعض المناضلات، أو عمات أو خالات المناضلات، وحصلنا على شهدات نسوية”، مؤكدة أنها عملت هذا الكتاب من أجل أحفادها والجيل الجديد الذي لا يعرف عن تاريخ هذه القضايا.
من جهته قال الروائي والإعلامي أحمد الطراونة، إن النساء في منطقة شرق الأردن شريكات في التاريخ النضالي والإنساني للنساء في منطقة فلسطين غرب الأردن، وهذه الشراكة جاءت من أنّ هذه المنطقة ذات مصير واحد ومستقبل واحد، وأن يوم الأرض يحتم علينا أن نقف بوعي أمام نضال المرأة الأم والأخت والزوجة، فمن لم تكن شهيدة هي أم لشهيد أو أخت له أو أم لأولاده، وهذا يعني أن الأم والأرض صنوان، وأن الشهادة هي القاسم المشترك بينهما.
وأشار الطراونة إلى أن تاريخ منطقة شرق الأردن حافل بالنضالات السياسية للمرأة، منذ أن قدمت عليا الضمور ولديها شهيدان من أجل حماية الدخيل من ظلم وجبروت الغازي آنذاك، وجيش ابراهيم باشا الذي جاء ليأخذ بلاد الشام، حينها أطلقت عليا صرختها “المنية ولا الدنية”، التي ما تزال تطوف فضاءات الحرية، وتقدم نموذجا للقيم الانسانية العالية في سياق الصراع بين الخير والشر.
وتابع الطراونة: لم تتوقف المسيرة النضالية مرورا بالنساء اللاتي قدمن كل ما يمكن، قدمن الازواج والأبناء في معركة التحرر ضد الطورانيين، حيث كانت أول سجينتين سياسيتين في منطقتنا “مشخص وبندر المجالي”، فغدت مشخص عنوانا للثورة ورمزا يتغنى به الجميع، وولدت بندر ابنها حابس في السجن ليكون هذا الرجل هو أيقونة العسكر الأردنية الخالصة، فكان قد قضى عمره مدافعا عن فلسطين والقدس، ليستمر النضال في جميع مراحل بناء الدولة الأردنية منذ أن بدأت المرأة تقف بوعي أيديولوجي وسياسي متقدم وأسست الجمعيات والمنتديات النسائية لتكون رديفا مهما في العمل السياسي والاجتماعي وتسهم في تطوير المطالبة بحقوق المرأة مرورا بـ”إيميلي بشارات، هدى خريس”، وغيرهن من الناشطات اللاتي قدن المظاهرات في وسط عمان ضد حلف بغداد في بدايات الخمسينيات، ليتطور الوعي النسوي بالحقوق والواجبات وتحصل المرأة على حقها في الانتخاب والتصويت.
وأشار الطراونة إلى أن الحديث عن كتاب محاسن الإمام بمناسبة يوم الأرض يقودنا إلى أهمية إعادة بناء السردية الوطنية الفلسطينية في مواجهة السرديات التي تسعى لقضم وهضم سرديتنا، والإجهاز عليها، الأمر الذي يتطلب منا أن نقف كمشتغلين بالعمل الثقافي والإعلامي وغيره من أشكال العمل العام وقفة جدية أمام النظر في التراث بشقيه المادي وغير المادي، لنعيد كتابة أنفسنا وفق منطق الوعي الجديد بالصراع العربي الصهيوني على أرض فلسطين، خاصة وأن هذه الأرض مليئة بالشواهد الانسانية التي تستحق أن تضاء لتسهم في تنوير الاجيال الجديدة وتعريفهم بأرضهم وتاريخهم، ولعل كتاب محاسن الامام والذي يتحدث عن كفاح نساء فلسطين يأتي في هذا السياق.
ويذكر أن كتاب “كفاح نساء فلسطين”، يتحدث عن بدأ وعي المرأة الفلسطينية بدورها السياسي منذ العام 1917، عند وعد بلفور؛ إذ اجتاحت فلسطين في تلك الفترة موجة عارمة من المظاهرات والإضرابات والصدامات والانتفاضات الشعبية المسلحة، التي قامت ضد قوات الانتداب البريطاني والعصابات اليهودية.
ويشير أيضا الى خروج المرأة والفتاة الفلسطينية بقيادة المثقفات في مظاهرات كبيرة في القدس ويافا وحيفا، وشاركت المرأة في أول ثورة للشعب الفلسطيني ضد الانتداب البريطاني، عندما طافت تظاهرة من “40 الف” مواطن شوارع القدس في 27/2/1920، كما شاركت مع الوفد الذي قابل المندوب السامي، مطالبا بإلغاء وعد بلفور، وكانت الطالبات يضربن عن الدراسة في المناسبات الوطنية تضامنا مع سائر فئات الشعب.
وبدأت المرأة الفلسطينية تشق طريق تحررها وتقدمها من خلال جهدها المبذول في عملية الصراع القومي، وبداية المسيرة الكفاحية للمرأة الفلسطينية هي في الوقت نفسه بداية تحررها الاجتماعي، الذي جسدته إرادة الأهل بالسماح لها بالخروج من البيت للمشاركة في العملية التحريرية، في ظروف اشد ما تكون قتامة وضراوة وقهرا، وتعددت اشكال الممارسة الثورية للمرأة الفلسطينية، في خضم الصراع الوطني المباشر مع العدو، ففي عام 1921، أسست ميليا السكاكيني وزليخة الشهابي أول اتحاد نسائي فلسطيني، وكان هذه الاتحاد ينظم المظاهرات ضد الانتداب البريطاني، وضم عدة لجان هدفها مناهضة الانتداب والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني.
أما أهم حدث نسائي في ذلك العام كان المسيرة الكبرى التي اشتركت فيها مئات السيدات وتوجههن إلى المندوب السامي البريطاني، ليطالبن بإلغاء وعد بلفور ووقف الهجرة اليهودية الى فلسطين، وإيقاف التعذيب في سجون الانتداب، وتأتي الفترة من عام 1929-1930، لتحمل مجددا الزخم الثوري المتصاعد، فقد اشتعلت الثورة الثالثة في فلسطين وظلت ملتهبة أسابيع طويلة، وشنت السلطات البريطانية حملة اعتقالات واسعة.
ولم تقتصر الممارسة الثورية على الأشكال النضالية، بل عقدت المؤتمرات النسائية من اجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ففي أكتوبر 1929، عقد مؤتمر عام في القدس حضرته “300”، سيدة ناقشت فيه المرأة الظروف التي تمر بها البلاد والمؤامرات الخطيرة التي تحاك ضد الشعب، ودور المرأة في هذه الظروف، وفي أعوام 1936-1937-193، عم الإضراب الذي شمل جميع مدن وقرى فلسطين وسائر طبقات الشعب وفئاته، وكان للمرأة دور كبير في النضال المدني والعسكري الذي دام ستة اشهر كاملة، ففي القدس عقدت “600”، طالبة اجتماعا في أيار 1936، قررن فيه الاستمرار في الاضراب.
وأيضا اتخاذ الوسائل الضرورية للرد على مقاطعة البضائع العربية بمقاطعة البضائع الصهيونية والأجنبية، وأقمن مظاهرة في ذلك اليوم، وكانت النساء في المدن الفلسطينية ينقلن الأسلحة الخفيفة من مكان الى آخر عبر نقاط المراقبة والتفتيش البريطانية، كما نشطت في تلك الفترة الجمعيات النسائية، وعلى رأسها الاتحاد النسائي العربي الفلسطيني، في جمع التبرعات من المواطنين وتوزيعها على عائلات الشهداء والمعتقلين، إضافة الى تبرع النساء بحليهن لشراء الأسلحة والذخيرة، كما كن يقمن بخياطة الملابس لهم، ولم يقتصر عمل المرأة على هذا الدور الذي يتمثل في صبرها وشجاعتها على مواجهة ما يحل بزوجها وأطفالها جراء ذلك من شقاء، بل تجاوزه الى ما هو أكثر إقداما وعطاء.
وقد نزلت النساء للميدان مثل الشهيدة فاطمة غزال التي استشهدت في معركة وادي عزين، ولقد سجل تاريخ النضال الفلسطيني، بشرف سقوط شهيدات في تلك المرحلة المبكرة من النضال الفلسطيني وهن يحملن سلاحهن دفاعا عن عروبة فلسطين ودخلت المرأة بزخم كبير الخلايا التنظيمية التي شكلها الشهيد الشيخ عز الدين القسام، وتبقى بطولة المرأة الفلسطينية شعلة مضيئة في مذبحة دير ياسين وقبية ونحالين، ومعارك حيفا والقدس، ويافا، وفي كل مكان.
وبعد صدور قرار تقسيم فلسطين عن الأمم المتحدة، شكلت المرأة الفلسطينية في يافا فرقة من النساء لتضميد الجروح في المستشفيات، وحملن الماء والمؤن إلى الثوار، وحفرن الخنادق وبنين الاستحكامات، وقد قام بعضهن بأعمال بطولية برزت فيها “حلوة زيدان”، التي تصدت لليهود المهاجمين، بعد ان شاهدت مصرع زوجها وابنها على أيديهم بأم عينها، وخرت صريعة برصاص العدو.
وعلى صعيد النضال السياسي ما بين عامي 1948-1967، أدت المرأة الفلسيطنية دورا لا يمكن تجاهله في الأحزاب العربية الناشئة آنذاك في المحيط العربي المضيف للفلسطينيين، واندمجت الحركة الوطنية الفلسطينية في الحركة الوطنية العربية في كل قطر، حيث جاءت مشاركتها النضالية، وان بحجم محدود بفعل قوة التقاليد الاجتماعية وثقلها المعيق لتحركتها، مؤثرة في تحريك واقعها الجامد.
شكلت المرأة الفلسطينية بضع منظمات وهيئات لمواجهة المشكلات الجديدة، كدار الأيتام، ودرا رعاية الأحداث، وجمعية المرأة العربية، وجمعية الهلال الأحمر، وفي العام 1965، أسست المناضلة “سميحة خليل”، جمعية انعاش الأسرة في بلدة البيرة، لرفع مستوى الأسرة الفلسطينية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبعد الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية عام 1967، قامت هذه الجمعية بتطوير مشاريعها، بهدف مقاومة الاحتلال بشتى الوسائل، فقد قامت الجمعية بإنشاء دور الحضانة، وانشاء لجان لدراسة وبحث التراث الفلسطيني، وحمايته من الاندثار أمام الغزو الفكري والثقافي للاحتلال الصهيوني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *