بي ام آي: نظرة إيجابية لنمو القطاع السياحي في السلطنة على المديين القصير والمتوسط
يونيو 5, 2018
ارتفاع عدد المنشآت السياحية 8.9% والغرف الفندقية تتجاوز 20 ألف
يونيو 6, 2018

تطور متنام وملموس في العلاقات العمانية الصينية

توجت بإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية

ترتبط السلطنة والصين بعلاقات تعاون متميزة في مختلف المجالات، وتتجه هذه العلاقة إلى آفاق أرحب في المستقبل مستمدة طاقتها من الصداقة الراسخة التي تربطهما منذ ما قبل 1200 سنة منذ أن رست سفينة البحار العماني أبو عبيد على شواطئ الصين في عام 750 ميلاديا، ومؤخرا يتشارك البلدان في مبادرة “الحزام والطريق” التي طرحها فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، وقبل أيام قلائل شهدت هذه العلاقات دفعة قوية وهامة توجت بإقامة الشراكة الاستراتيجية، ما يمهد للولوج إلى عصر جديد يتسم بسمة التنمية المتسارعة والآفاق الرحبة.
واتفق الجانبان في الشراكة الاستراتيجية على أنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية في 25 مايو 1978م، تعززت الثقة السياسية المتبادلة باستمرار وترسخت الصداقة التاريخية باطراد وأحرز التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة والترابط والتواصل الشعبي إنجازات مثمرة تستشرف آفاقا رحبة. وسجلت القيادتان تقييما عاليا للتقدم الكبير الذي حققته العلاقات بين البلدين.

وينطلق التعاون بعد إعلان الشراكة الاستراتيجية إلى آفاق المستقبل؛ حيث سيقوم الجانبان بتعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية وتوظيف مزاياهما ومواصلة دفع التعاون في الطاقة الإنتاجية والاستثمار مع الالتزام بـ«الدور الإرشادي للحكومة والدور الرئيسي للشركات والدور التوجيهي للسوق والمبادئ التجارية» وإعطاء الأولوية لمجالات تطوير الطاقة والموارد والصناعة الكيميائية والصناعة التحويلية والصناعة البحرية واتخاذ المنطقة الصناعية الصينية في منطقة الدقم العُمانية كإطار مهم، بما يرتقي بالتعاون العملي بين البلدين إلى مستويات جديدة.
وسيقوم البلدان بالتوظيف الكامل للمزايا التكاملية لدى البلدين في الاقتصاد والتجارة ومواصلة توظيف دور آلية اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة بين البلدين، وتوسيع التعاون القائم على المنافع المتبادلة بأشكال مختلفة في مجالات البنية الأساسية والحدائق الصناعية واللوجستية والسكك الحديدية والموانئ ومحطات توليد الكهرباء وغيرها وتدعيم التطوير الشامل للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
ويعتبر البلدان التعاون في مجال الطاقة دعامة مهمة للتعاون العملي بين الجانبين ويدعمان التعاون الأكبر بين شركات البلدين في مجالات تجارة النفط الخام والتنقيب وتطوير موارد النفط والغاز الطبيعي والخدمات الهندسية والتكرير والبتروكيماويات وغيرها، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة. كما يحرص البلدان على دفع التعاون المالي بخطوات حثيثة، ويدعمان البحث في إمكانية التعاون في مجال العملة وتوظيف الدور الفعال للعملة المحلية في التجارة والاستثمار بين الجانبين، ويشجعان المؤسسات المالية لدى البلدين على الاستفادة المتبادلة من أعمالها وفتح مكاتب فرعية لدى الجانب الآخر وتعزيز المواءمة للخدمات المالية وتوفير الدعم المالي للتعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين.
العلاقات الاقتصادية
وتأتي العلاقات الاقتصادية في المقدمة بين البلدين؛ حيث يرتفع التبادل التجاري بشكل مطرد بدعم من صادرات النفط من السلطنة إلى الصين التي تتصدر قائمة مستوردي الخام العماني. وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من عشرة آلاف دولار في بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 40 عاما إلى قرابة ٢٠ مليار دولار في الوقت الحاضر. وخلال العقود الأربعة الماضية طرأت تغيرات هائلة في الأوضاع على الصعيدين المحلي والدولي، إلا أن الصداقة الصينية العمانية ظلت قائمة على أساس الاحترام والثقة والتأييد المتبادل، وهو ما يقدم نموذجا مثاليا لتعاون البلدين وتحقيق الكسب المشترك لهما رغم تباينهما في طبيعة الاقتصاد.
وتعتبر السلطنة رابع شريك تجاري للصين في العالم العربي، وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2016 إلى 14.17 مليار دولار، وفي عام 2017 ومع ارتفاع سعر النفط شهدت التجارة الصينية العمانية زخما من النمو، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 17.2 مليار دولار بنهاية العام، وتجاوز حجم الصادرات الصينية إلى السلطنة 1.79 مليار دولار.
وتصدرت الصين المرتبة الأولى كأكبر سوق لتصدير النفط الخام من قبل السلطنة لسنوات متتالية، وقد شكلت تجارة النفط الخام ركيزة التبادل التجاري بين البلدين. واستحوذت الصين على الكم الأكبر من صادرات السلطنة من النفط الخام والمكثفات النفطية في عام 2017 حيث بلغت الصادرات 204 ملايين و815 ألفا و600 برميل.
استثمارات مشتركة
وفي السنوات الأخيرة ارتفعت وتيرة العلاقات التجارية، حيث تدفقت الاستثمارات الصينية في السلطنة، وسجلت حضورا بارزا من خلال مشروعات مشتركة ضخمة تجري إقامتها حاليا في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة. وتأتي هذه الاستثمارات من رؤية ونظرة الصين للسلطنة، حيث تعتبر أن لديها إمكانيات هائلة للتنمية وأن السلطنة محطة مهمة على طول “الحزام والطريق”، وتتمتع عمان بمميزات جيوغرافية بارزة منها سهولة النقل البحري ووقوعها على مقربة من العديد من الأسواق الواعدة.
ويسعى البلدان للدمج بين مميزات السلطنة وإمكانيات الشركات الصينية لتحويلهما إلى قوة محركة تفيد تنمية البلدين، وانطلاقا من ذلك فإن المدينة الصناعية الصينية العمانية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تحظى باهتمام بالغ من قبل أوساط الأعمال وحكومتي البلدين. وتلعب المدينة الصناعية دورا كبيرا في دعم التعاون التجاري بين البلدين عبر الاستفادة من مزايا الشركات الصينية في الصناعة ورأس المال من جانب ومزايا السلطنة من حيث الموقع الاستراتيجي والقرب من الأسواق الواعدة وسياساتها لتسهيل وجذب الاستثمارات إلى منطقة الدقم أيضا، وهذا يساهم في تسريع وتيرة نمو القطاعات غير النفطية العمانية وتحقيق التنوع للهيكل الاقتصادي والدخل الوطني للسلطنة، والمؤكد أن المدينة الصناعية تعد نمطا راقيا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين دول العالم، ومركزا يجمع العديد من الصناعات، وهو ما يحقق فوائد أعظم بكثير من المشاريع الاستثمارية المنفردة.
وتبلغ تكلفة إنشاء المدينة الصناعية حوالي 10.7 مليار دولار، وسيتم تمويلها من خلال الشركات الصينية والقروض المصرفية، وهناك مفاوضات مع بنوك محلية وصينية وإقليمية لتمويل المشاريع المدينة. والمجال مفتوح لمختلف البنوك في السلطنة لتمويل أي مشروع.
وقد وقع الجانبان اتفاقيات، وبدأ العمل بها بالفعل لإنشاء عشرة مشاريع تمثل المرحلة الأولى وباكورة مشاريع المدينة الصناعية، وأما المشاريع الـ25 المتبقية ضمن خطة الجانب الصيني لتنفيذ 35 مشروعا بالدقم فهي في مرحلة الدراسات النهائية أو في مرحلة التصميم، وسيبدأ العمل فيها فور الانتهاء من هذه المرحلة، وقد حددت الشركة عام 2022 لبدء العمل في جميع المشاريع التي تتطلع الصين إلى أن تكون جاهزة خلال 10 سنوات.
وسيكون مشروع سوق مواد البناء التابع لشركة وان فانج العمانية أول مشروع سيرى النور ضمن المشاريع العشرة التي تم توقيع اتفاقيات الشراكة بشأنها مع عدد من الشركات الصينية.
وقد وقّعت شركة وان فانج العمانية التي تقوم بتطوير وتشغيل المدينة الصناعية الصينية ـ العمانية بالدقم في يونيو الجاري اتفاقية شراكة مع كل من شركة الثبات القابضة وشركة عُمان لتطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (تطوير
الدقم) بهدف إنشاء مشروع سوق مواد البناء المزمع إقامته في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
ويشتمل مشروع سوق مواد البناء على أعمال تطوير الأرض والمستودعات الأساسية والمساحات الخاصة بمرافق مبيعات التجزئة التي ستخصص لشركات مواد البناء الأخرى لعرض وتخزين منتجاتها.
ومن المقرر أن يجري تطوير المشروع من قبل شركة مشتركة تحمل مسمى (شركة الدقم لسوق مواد البناء)، حيث ستشارك شركة وان فانج العمانية بوصفها المستثمر الرئيسي في المشروع بحصة قدرها 51 بالمائة، بينما ستستثمر كل من شركة الثبات وشركة تطوير بحصة قدرها 34 بالمائة و15 بالمائة من رأس المال على التوالي.
ومن المؤمل أن يعمل هذا المشروع على استقطاب العديد من الشركات حول العالم للقدوم إلى الدقم وجعلها قاعدة لتسويق وبيع منتجاتها المتخصصة في مجال صناعة البناء والتشييد.
وفي ضوء الموقع المتميز للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم فإنه من المتوقع أن توفر هذه المبادرة قدرات لوجستية عديدة لهذا القطاع ليس فقط للسلطنة، ولكن أيضا لدول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا؛ حيث ستستفيد الشركات في هذه الدول من سوق مواد البناء الذي سيتم تشييده بالدقم.
ويعد المشروع أحد مشاريع المدينة الصناعية الصينية ـ العمانية التي ستقام في منطقة الصناعات الخفيفة، ويقع سوق مواد البناء على مساحة تقدر بـ250 ألف متر مربع تم تخصيصها لأعمال البيع بالتجزئة والأنشطة التجارية والمستودعات والخدمات والإمدادات اللوجستية علاوة على مساحة من الأرض مخصصة للمنافع والبنى الأساسية. ومن المقرر الشروع في تنفيذ المرحلة الأولى من سوق مواد البناء قبل نهاية العام الجاري 2018م.
وتضطلع شركة وان فانج العمانية التي عمدت إلى التوقيع على اتفاقية حق الانتفاع بتطوير مدينة صناعية ومنطقة سياحية في الدقم بتنفيذ العديد من المشروعات بدعم من المستثمرين الصينيين في حين تعمل شركة الثبات القابضة كأداة استثمارية فاعلة في أنشطة البنية الأساسية التي يجري تنفيذها في السلطنة. أما شركة عُمان لتطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم “تطوير الدقم”، فهي شركة تابعة لهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تمتلكها الهيئة بنسبة 100 بالمائة، وتعمل كشريك محلي للمستثمرين في الدقم من خلال المشاركة بحصة الأقلية. وتقدر تكلفة المشروع بحوالي 138 مليون دولار.
ولهذه السوق أهمية خاصة ويعول عليها كثيرا؛ إذ إن المدينة هي حاليا تحت الإنشاء، وهناك مشاريع عديدة سيتم تنفيذها في الدقم تحتاج دون شك إلى مختلف أنواع مواد البناء، كما أن قرب ميناء الدقم من خطوط الملاحة العالمية والتجهيزات التي يضمها الميناء تجعل تنفيذ السوق في الدقم مشجعا، وتسعى الشركة لأن يكون السوق إقليميا وليس خاصا بالدقم أو السلطنة فقط، ولهذا فهي حريصة على أن يضم السوق جميع المواد التي نحتاج إليها في بناء المساكن وتأثيثها.
وكان رئيس الشركة قد أكد أن سوق مواد البناء سيكون سوقا مميزا من حيث تنوع المعروضات ووفرتها وأسعارها التنافسية، إذ إن المواد سيتم جلبها من المصانع الصينية مباشرة، كما نحرص أيضا على أن تكون المواد التي يتم عرضها بالسوق ذات جودة عالية وتلبي تطلعات الزبائن

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *