د. حمد الغيلاني: يوجد بها 200 حوت أحدب وفي شمالها الشرقي الدلفين طويل المنقار –
العمانية: تتمتع جزيرة مصيرة التابعة لمحافظة جنوب الشرقية وهي أكبر جزر السلطنة بثراء وتنوع بيئي وحيوي، وغنى بالثروة السمكية وأنواع عديدة من القشريات والرخويات وتنوع في الكائنات البرية والبحرية والطيور مما يجعلها من بين اهم المواقع البيئية والسياحية في السلطنة.
ويوجد في الجزيرة ثاني أكبر تجمع في العالم وأكبر تجمع في المحيط الهندي لسلحفاة الريماني، حيث يعشش بها ما يقارب من 30 الى 60 ألف سلحفاة سنويا، كما يوجد بها نوعان من السلاحف، وهما الزيتونية التي تبيض في شواطئ جزيرة مصيرة بأعداد تصل الى 150 سلحفاة سنويا، والسلحفاة الشرفاف، التي تعشش في الجزيرة وجزر الديمانيات، وتجمعها في السلطنة يعتبر الاكبر على مستوى العالم حيث تبيض سنويًا من 500 الى 1500 سحلفاة، بينما تعشش السلحفاة الخضراء في معظم شواطئ مصيرة، ولكن بأعداد قليلة مقارنة بتجمعها الاكبر في رأس الحد.
وأكد تقرير لوزارة البيئة والشؤون المناخية أن السلطنة قامت بجهود عديدة من أجل صون وحماية السلاحف البحرية فيها، وكان لها الريادة في العديد من الجوانب المتعلقة بإدارة المواد الطبيعية الخاصة بالسلاحف البحرية، حيث استفادت كثيرا من الطريقة العلمية والمنهجية التي بدأتها في محاولة تقييم ومعرفة أعداد السلاحف البحرية وأماكن انتشارها، كما أن الوزارة تواصل الدراسات والبحوث في مختلف المجالات المتعلقة بهذا الموضوع سواء بجهودها الذاتية أو بالتعاون مع المؤسسات العلمية والعلماء الباحثين، ونظراً لطول السواحل العمانية ووجود السلاحف البحرية في أغلبها، فإنه لازال هناك الكثير من الجوانب التي تتطلب دراسات وتوثيقًا.
وبحسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) فإن السلاحف التي تعشش في عمان جميعها في الفئة المعرضة للخطر بل إن السلحفاة الشرفاف تتعدى ذلك إلى الفئة المعرضة للخطر بصفة حرجة، ووعت السلطنة هذه المسؤولية الكبيرة باعتبار أن شواطئها تعد الأهم بين دول المنطقة بالنسبة لتعشيش السلاحف البحرية خاصة السلحفاة الريماني، والحمسة (الخضراء)، والشرفاف، فكانت السباقة في القيام بمسح لأنواع السلاحف التي تعشش في شواطئها وإعدادها والقيام ببرنامج طموح طويل الأمد لترقيم السلاحف البحرية في عمان.
وبموقعها الجغرافي المتميز تعتبر جزيرة مصيرة مكانًا مهمًا لمحبي مشاهدة ودراسة الطيور، حيث تعيش فيها وتأوي اليها أعداد كبيرة من الطيور وبالتحديد طيور البلشون، والنحام، والنورس، والخطاف، بالإضافة الى الطيور المهاجرة والقادمة من شبه الجزيرة العربية، والهند، وباكستان، وطيور اخرى من شرق أفريقيا، وسهول سيبيريا، واوروبا.
وقال الدكتور حمد بن محمد الغيلاني مدير شؤون المُجتمع والتوعية البيئية لدى جمعية البيئة العُمانية لوكالة الأنباء العمانية ان بحر شرق الجزيرة يعتبر موقعًا مهمًا لتجمع نوع من الحيتان وهو الحوت «الاحدب» الفريد، الذي يعتقد انه نوع من الحيتان الحدباء المنفصلة عن الانواع الاخرى منه حول العالم، والذي يعتبر أكثر الحيتان تواجدًا في السلطنة (تقدر اعداده بـ 200 حوت)، كما يوجد في نفس الموقع (الشمال الشرقي لبحر مصيرة) نوع من الدلافين، وهو الدلفين «طويل المنقار».
ويوجد بالجزيرة أكبر تجمع لنوع من الطيور، وهي الرخمة المصرية، التي تتواجد في شمال الجزيرة ووسطها، بالإضافة الى العديد من الطيور المستوطنة بها، كــــ العقاب النساري، الذي يوجد بالشمال الشرقي للجزيرة، والبلشون الرمادي بالشمال الغربي للجزيرة، والنحام الكبير في الغرب، وصياد السمك ابيض الياقة، وخطاف البحر سانتوش، وخطاف البحر الابيض الخد، في الوسط الغربي من الجزيرة. وتعد الجزيرة المكان الوحيد في السلطنة الذي يتواجد فيه طائر «زقزاق السرطان» وهو طائر مهاجر ابيض اللون يعيش على الشواطئ البحرية والصخرية والرملية يبلغ طوله 38 سنتيمترا واجنحته طويلة ومدببة وذيله قصير، اما منقاره فهو قوي ويشبه منقار مالك الحزين وذو أرجل طويلة وجناحاه اسودان.
كما تعد جزيرة «مرصيص الصغيرة» التي تقع في الجزء الغربي من منتصف جزيرة مصيرة احدى اهم المناطق التي تتكاثر فيها الطيور البحرية وخصوصا أيام الرحلات الموسمية الخريفية منها طيور النورس الاقحم، والخرشنة الوردية، والبيضاء الخد، والصغيرة بيضاء الوجه، كما ان هناك انواعًا من الطيور التي تزور الجزيرة والتي تنتمي الى طيور الهند، وجنوب آسيا مثل الببغاء الصغير، والشقراق الهندي، والغراب، والبلشون الهندي، والوقواق الغامق.
ويؤكد الغيلاني ان «هذا التنوع الهائل والفريد للجزيرة، يتطلب نظرة مختلفة لمستقبل النشاط الانساني، والعمراني، والسياحي، والاقتصادي، وحماية للمواقع البيئية المهمة، والتقليل من ضغط الانسان عليها، وتصنيفها كمحمية طبيعية».
ومن بين الاشجار والنباتات التي توجد في الجزيرة حسب المسح الاولي الذي قامت به وزارة البيئة والشؤون المناخية في شهر ابريل سنة 2013م ( الرمرام، والثمام، والنزاع، والخزامى، وشجرة الارنب، وشجرة الضب، وزموته، والحبة السوداء) وغيرها.
ونظرًا للإقبال المتزايد من قبل السياح – وخصوصا من داخل السلطنة- لزيارة جزيرة مصيرة وقلة الوعي البيئي لدى بعضهم، ساهم بدوره بشكل كبير في إزعاج الأحياء الفطرية والتعدي عليها مما أدى إلى تناقص أعدادها وتعرضها لخطر الانقراض.
ومن الأمثلة لذلك، صيد الحيوانات البرية وخاصة الغزال (غزال مصيرة) و(الأرنب البري) مما بات يهدد تواجدهما في الجزيرة، كما ان هناك مؤشرات على وجود عمليات صيد للسلاحف في كثير من المواقع الممتدة من الشمال الشرقي وحتى الرأس الجنوبي وصولًا لمنطقة جشار الشيخ، بالإضافة إلى جمع بيض بعض الطيور من مواقع تعشيشها، ومرور السيارات على شواطئ التعشيش أثناء خروج السلاحف لوضع البيض، وتشغيل الإضاءة بالقرب من تلك الشواطئ مما يتسبب في تغيير اتجاه السلاحف بعيدًا عن الشاطئ، الى جانب التهديد المستمر للشعاب المرجانية من خلال التكسير والاقتلاع بشباك الصيد.
الجدير بالذكر أن مساحة جزيرة مصيرة تبلغ حوالي 640 كيلومترًا مربعًا، وطولها 95 كيلومترًا، ويفصلها عن الساحل الشرقي للسلطنة «خليج مصيرة»، البالغ عرضه ما بين 10 الى 15 ميلا.