المرأة والمشاركة السياسية
حققت المرأة تقدماً دون مستوى الطموح في مجال المشاركة في مؤسسات المجتمع المختلفة وفي اتخاذ القرار في مختلف مجالات الحياة , بعد أن كان دورها في الماضي مهمشا سواء في الأسرة أو خارجها , ولا يقتصر اتخاذ القرارات على الأسرة فقط بل يتعداه إلى مجالات أخرى كالعمل و التحكم في الموارد الاقتصادية والحقوق القانونية وغيرها من المجالات ونظراً للأهمية المتزايدة لدور المرأة في كافة المجالات فقد اهتمت المنظمات المختلفة بالقضايا الخاصة بالمرأة ودمجها في عملية التنمية كما سعت إلى العمل من أجل تمكينها وتضييق الفجوة بينها وبين الرجل.
المرأة واتخاذ القرارات في القطاع الحكومي:-
شهدت العقود الأخيرة تقدماً ملحوظاً في مشاركة المرأة في المجال العام وخاصة في القطاع الحكومي وتزايدت قوة تأثير المرأة في سياسات العمل المحلية والوطنية , كما نجحت قلة من النساء في الارتقاء إلى المناصب العليا والهامة . وعلى الرغم من المكتسبات التي حققتها المرأة في الأردن , إلا أن التمييز القائم على أساس الجنس ما زال عائقاً أمام المشاركة الكاملة لها في عملية اتخاذ القرار والتحكم كالرجل في الموارد الاقتصادية والسياسية .
سعت خطة التنمية الاجتماعية – الاقتصادية 1999- 2003 في الأردن إلى خفض نسبة الأمية بين الإناث ما دون 10% , وإلى تكافؤ الفرص أمام المرأة في الحصول على المعلومات والمهارات والخدمات النوعية في مجال التدريب , ومنحها فرصاً متساوية في العمل والأجر والترقي الوظيفي والوصول إلى مراكز قيادية في جميع القطاعات . ومع ذلك تعتبر مشاركة النساء في رسم السياسات الاجتماعية في الأردن دون المستوى المطلوب , وذلك بسبب محدودية مشاركة الإدارية والقيادية .
وقد زادت التساؤلات حول الأسباب التي تقف عائقا أمام تولى المرأة المناصب العليا , فهناك توجه نحو لوم المرأة نفسها على عدم قدرتها أو قلة ثقتها بنفسها , وهنالك توجه إلى إلقاء اللوم على المسؤوليات والالتزامات الأسرية . وتتعدد الأسباب المعيقة لتقدم المرأة وارتقائها الوظيفي والتي منها التشريعات والتمييز الذي يمارسه بعض أصحاب القرار الذين هم في غالب الأحيان من الرجال.
حيث كانت نسبة( 5.3) من أعداد العاملين في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية حسب الجنس وفجوة النوع الاجتماعي في عامي 1994 و 2001 . ويتضح أن أعلى قسم لفجوة النوع الاجتماعي في عام 1994 كانت في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية , ثم في وزارة المياه والري , فوزارة الأشغال العامة والإسكان وأخيراً في وزارة الزراعة . وبلغت قيمة فجوة النوع الاجتماعي( 0.94 و 0.93 0.92 و0.90) على الترتيب في عام 1994 , مما يعني أن غالبية العاملين في هذه الوزارات هم من الرجال وأن مشاركة المرأة فيها قليلة جداً. وكانت الفجوة لصالح النساء في وزارة التربية والتعليم مما يعني زيادة عدد النساء عن عدد الرجال في هذه الوزارة لعام 2001.
أما بالنسبة لعام 2001 فمن الواضح أن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية لم يطرأ على سياساتها في التوظيف أي تحسن أو تغير يذكر , بل على العكس من ذلك , فقد زادت قيمة فجوة النوع الاجتماعي في هذه الوزارة حيث ارتفعت من( 0.94) في عام 1994 ووصلت إلى
( 0.97) في عام 2001 لصالح الذكور .
وتعود قلة عدد النساء في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية إلى طبيعة عملها والتي تتصل عادة بإدارة المساجد وما يتصل بها من احتياجات وخدمات .
أما فجوة النوع الاجتماعي في وزارة التربية والتعليم , فقد أظهرت ثباتاً في حين تراجعت الفجوة في وزارة التنمية الاجتماعية عما كانت عليه في عام 1994 ولكن بقيت قيمتها منخفضة جداً . وتفاوتت فجوة النوع الاجتماعي لبقية الوزارات ولكنها لم تصل إلى الواحد الصحيح .
ويظهر أن ما يعادل 4.3% فقط من مجموع العاملين في الفئة العليا في جهاز الخدمة المدنية هم من النساء . أما الفئة الاولى والتي تضم ثلاث درجات من مستوى وظيفة مدير في مركز الوزارة أو في مراكز المحافظات والأولوية , فقد احتلت المرأة فيها ما نسبته 7.4%. وترتفع نسبة المرأة في الفئة الثالثة حيث شكلت النساء فيها حوالي 54% من مجموع العاملين في هذه الفئة . ومن المتوقع أنه كلما ارتفعت الفئة الوظيفية للمرأة كلما كانت أقرب إلى اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون الوظيفة التي تشغلها . وبصورة عامة شكلت النساء 39% من مجموع العاملين في جهاز الخدمة المدنية .
وتجدر الإشارة إلى أن فئة موظفو الإدارة العليا والرؤساء التقليديون تضم المشرعون ورؤساء المجالس التشريعية و رئيس الوزراء ورؤساء الحكام الإداريون وموظفو الإدارة العليا الحكوميون كالمدراء العامون والرؤساء التنفيذيون في المؤسسات ذات الاهتمامات الخاصة .
وان نسبة النساء في مراكز الإدارة العليا ارتفعت من 1.4% في عام 1996 إلى 8.8% في عام 2002 , مما يشير إلى التوجهات المتزايدة نحو إشراك المرأة في اتخاذ القرارات في القطاع الحكومي . أما على مستوى كافة الوظائف العليا فقد ارتفعت نسبتهن من 5.6% في عام 1996 إلى 8.7% في عام 2002 , أي بزيادة بلغت 3 نقاط مئوية , مما يشير إلى تحسن مكانة المرأة في الوظائف القيادية التي تمثل مراكز اتخاذ القرار . ويتضح أن النساء شكلن نسبة قليلة من بين العاملين في السلك الدبلوماسي حيث كانت هناك امرأة واحدة مقابل كل 13 رجلا. وتتركز النساء في وظيفة الملحق الدبلوماسي , حيث شكلن حوالي 16% من المجموع العاملين في هذه الوظيفة
أما مشاركة المرأة في العمل الدبلوماسي كسفيرة فلا تزال متدنية , وشكلت النساء حوالي 4% من السفراء فقط . وغابت المرأة عن الوظائف العليا الأخرى في السلك الدبلوماسي كوظيفتي الوزير المفوض والمستشار, حيث كان كافة العاملين في هاتين الوظيفتين من الرجال .
إن مكانة المرأة في الوظائف القيادية هي التي تمثل مراكز اتخاذ القرار . ويتضح أن النساء شكلن نسبة قليلة من بين العاملين في السلك الدبلوماسي أما مشاركة المرأة في العمل الدبلوماسي كسفيرة فلا تزال متدنية , وشكلت النساء حوالي 4% من السفراء فقط . وغابت المرأة عن الوظائف العليا الأخرى في السلك الدبلوماسي كوظيفتي الوزير المفوض والمستشار, حيث كان كافة العاملين في هاتين الوظيفتين من الرجال .
المرأة في سلك القضاء
برزت مساهمة المرأة في سلك القضاء منذ عام 1995, و شكلت النساء ما نسبته 2.8 من مجموع القضاء في المملكة في 2003 والبالغ 608 قضاة .
المرأة والبرلمان
مع عودة الحياة النيابية في عام 1984 التي كانت قد توقفت نتيجة احتلال الضفة الغربية في عام 1967, شاركت النساء لأول مرة كناخبات في الانتخابات التكميلية . إلا أن المرأة لم تحاول خوض المعركة الانتخابية كمرشحة إلا في عام 1989 ومن ثم في انتخابات 1993 و 1997و2003 . وعلى الرغم من هذه المشاركة , إلا أن نسبة المرشحات كانت متدنية حيث بلغت 7% من مجموع المرشحين للانتخابات النيابية في عام 2003.
وتشير البيانات الإحصائية إلى تدني نسبة النساء من مجموع المرشحين في كافة السنوات, وتراوحت هذه النسبة ما بين 0.6% في عام 1993 و7.1% في عام 2003.
ويتضح من البيانات ارتفاع فجوة النوع الاجتماعي بشكل عام في كافة السنوات التي جرت فيها الانتخابات النيابية, كما يتضح تذبذب قيمة الفجوة خلال الفترة الزمنية المذكورة مما يشير الى تذبذب في الإقبال على الترشيح من قبل النساء . وتراوحت قيمة الفجوة ما بين 0.86 قي عام 2003 و 0.99 في عام 1993 . ويشير انخفاض فجوة النوع الاجتماعي في عام 2003 إلى زيادة الإقبال على خوض الانتخابات من قبل النساء حيث كان للكوتا أثر كبير في هذا الارتفاع .
كما أن توزيع عدد أعضاء مجلسي الأمة الأردني خلال السنوات 1989-2003 كان حسب الجنس وتشير البيانات إلى أن النساء حققن بعض التقدم في المشاركة السياسية من خلال تمثيلهن كأعضاء في مجلسي الأمة بشقيه ( الأعيان والنواب ) خلال الفترة 1989-2003 . فقد ارتفع عدد النساء من امرأة واحدة في مجلس الأعيان في عام 1989 إلى ثلاث نساء في كل من عامي 1997 و2006. كما ارتفع عدد النساء في مجلس النواب من امرأة واحدة في عام 1993 إلى ست نساء في عام 2003 . وتجدر الإشارة إلى أن النساء لم يكن لهن تمثيل في مجلس النواب في عامي 1989 و 1997 , كما أنهن لم يوفقن في الفوز بأي مقعد من مقاعد مجلس النواب لعام 2003 على الرغم من خوض 54 امرأة لتلك الانتخابات ( التنافس الحر ). ويعود الفضل في تواجد النساء في المجلس النيابي الحالي إلى نظام الكوتا النسائية الذي خصص من خلالها ستة مقاعد للنساء يتم إشعالها من قبل النساء اللاتي حصلن على اكبر نسبة من الأصوات مقارنة إلى عدد المقترعين في دوائرهن الانتخابية .
المرأة والمجالس البلدية
تعتبر المجالس البلدية مؤسسات خدمية تهدف إلى توفير الخدمات المجتمعية داخل التجمعات السكانية المختلفة . ويعني دخول المرأة إلى هذه المجالس مشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة لشؤون المجتمع الخدمية .
كما أن أعداد المرشحين في الانتخابات البلدية لعام 2003التي وزعت حسب المحافظات والجنس . وتشير البيانات إلى عزوف النساء عن خوض الانتخابات البلدية , حيث بلغت نسبة المرشحات لهذه الانتخابات 2.4% فقط من المجموع الكلي للمرشحين في الانتخابات البلدية التي جرت في عام 2003. ويتضح من هذه المعطيات أن النساء أقل حماسا نحو المشاركة في مجلس البلدية بالمقارنة بالانتخابات النيابية .
وتباينت نسبة النساء اللاتي تقدمن للترشيح في الانتخابات البلدية لعام 2003 حسب المحافظات تباينا ملحوظا , حيث تراوحت نسبة النساء من مجموع المرشحين في المحافظات تباينا ملحوظا , حيث تراوحت نسبة النساء من مجموع المرشحين في المحافظات التي ترشحن فيها ما بين 0.6
% في محافظة الكرك و 408% في محافظة مادبا . كما يلاحظ عدم تقدم النساء للترشيح للانتخابات البلدية في أربع مناطق هي أمانة عمان ومحافظات الطفيلة ومعان والعقبة .
ويتضح من البيانات أن المرشحات الفائزات شكلن 12.5% من مجموع النساء اللاتي تقدمن للترشيح . ولم يحالف الحظ المرشحات في بلديات خمس محافظات ي بلديات المحافظات العاصمة ومادبا والمفرق وجرش والكرك . وعلى العموم , فإن مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية كمرشحة هو أمر في غاية الأهمية للنساء حتى ولو لم يحالف الحظ كافة المرشحات , حيث أن هذه المشاركة ستعزز الوعي بين النساء بقضايا المجتمع ومحاولتهن المساهمة في القرارات المتعلقة بهذه القضايا .
ولزيادة مشاركة المرأة والرجل وتفعيل دورهما المجتمعي , لجأت الحكومة إلى تعيين عدد من النساء والرجال في المجالس البلدية المختلفة .
وتشير البيانات إلى أن نسبة النساء المعنيات من خلال قرار الحكومة بلغت حوالي 27% من خلال المجموع الكلي للأعضاء المعنيين . وتجدر الإشارة الى أن النساء المعنيات في مجلس البلدية تم تعيينهن كأعضاء ما عدا سيدة واحدة فقط تم تعيينها رئيس بلدية الحسا التابعة لمحافظة الطفيلة . وتباينت نسبة النساء المعينات حسب المحافظات تباينا ملحوظا , وتراوحت ما بين 15% في مجلس أمانة عمان وحوالي 43% في بلدية العقبة . وبشكل عام , كان النصيب الأكبر من التعيينات في التعيينات في المجالس البلدية لصالح الرجال الذين حصلوا على حوالي 73% منها.
المرأة والنقابات المهنية
بينت دراسة سابقة حول المرأة والنقابات المهنية أنه بالرغم من ارتفاع نسبة المنتسبات في عدد من النقابات , إلا أن مساهمة المرأة في قيادة العمل النابي ما زالت متدنية نسبيا . إضافة إلى معاناة المرأة داخل الأسرة والضغوطات الاجتماعية الأخرى التي تؤثر بشكل كبير على فاعلية المرأة ومشاركتها الكاملة في عملها النقابي وارتقائها في المناصب القيادية في هذه النقابات .
وتظهر أعداد المسجلين في مختلف النقابات المهنية التي أمكن توفير بيانات عنها لعامي 1997و 2002 حسب الجنس , وتشير البيانات إلى أن النساء يشكلن حوالي 22% من الأعضاء المسجلين في النقابات المهنية في الأردن في عام 2002 , في حين كانت نسبتهن حوالي 19% في عام 1997. ويلاحظ كذلك حدوث ارتفاع ملموس في أعداد الأعضاء المسجلين في مختلف النقابات بين العاملين المذكورين , حيث بلغت نسبة الزيادة في تسجيل حوالي 27% . وتباين التسجيل في النقابات بين الرجال والنساء بشكل واضح بين العاملين المذكورين , حيث بلغت نسبة الزيادة في التسجيل بينهن حوالي 42% مقابل حوالي 24% للرجال.
وتباينت نسبة النساء المسجلات في النقابات المختلفة بين عامي 1997 و 2002 , فقد تراجعت نسبة الإناث المسجلات في نقابتين هما الممرضين ونقابة أطباء الأسنان في عام 2002 عن نسبتهن في عام 1997 . وقد يكون هذا التراجع عائدا إلى تزايد تسجيل الذكور من جهة , أو تباطؤ في التسجيل من قبل الإناث من جهة أخرى . وارتفعت نسبة الإناث في النقابات الأخرى عن نسبتهن في عام 1997 وخاصة في نقابة الأطباء البيطريين حيث بلغت قيمة الارتفاع 7 نقاط مئوية .
ومطلع عام 99 شهد وجود امرأة صحفية واحدة في مجلس إدارة نقابة الصحفيين وأخرى مع مطلع عام 2002في نقابة المحامين من بين 11 عضوا في مجلس الإدارة, وامرأة واحدة من أصل 10 أعضاء في مجلس الإدارة في نقابة الصيادلة .
المرأة والأحزاب السياسية
تشير الإحصاءات أن 15.3 من الإناث شاركن في الهيئات التأسيسية لما مجموعه 28 حزبا من المجموع الكلي للأحزاب (31) حزباً, وبلغت نسبتهن من المجموع الكلي لأعضاء الهيئات التأسيسية للأحزاب حوالي 7% . وغاب تمثيل الإناث عن الهيئات التأسيسية لثلاثة أحزاب هي حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني , وحزب البعث العربي التقدمي وحزب الفجر الجديد العربي الأردني .
وتتباين نسبة الإناث في الهيئات التأسيسية للأحزاب تباينا ملحوظا , وتراوحت نسبتهن ما بين 0.4% في حزب اليسار الديمقراطي الأردني 50.5% في حزب الأحرار .
المرأة في المنظمات غير الحكومية
تختلف نظرة الأفراد في المجتمع نحو المرأة في العمل التطوعي الذي غالبا ما تقوم به المؤسسات والمنظمات غير الحكومية . وتشير نتائج مسح الظروف المعيشة في الأردن 1996 الذي نفذته دائرة الإحصاءات العامة إلى أن ثلث الرجال في الأعمار 15 سنة فأكثر يعارضون مشاركة المرأة في العمل التطوعي , وان 10 من النساء يشاركونهم هذا الرأي ولقد كان توزيع أعضاء الهيئات التطوعية في عام 2002 حسب الجنس .
يتضح من البيانات ارتفاع تمثيل النساء في الهيئات الإدارية للمنظمات التطوعية حيث شكلن حوالي ربعها , كما شكلت النساء نسبة كبيرة أيضا في الهيئات التأسيسية لهذه المؤسسات أو حوالي 23% . مع العلم أن ارتفاع نسبة النساء في الهيئات الإدارية للمنظمات التطوعية سيمكنها من ممارسة حقها في اتخاذ القرارات أو المشاركة في اتخاذها . ويلاحظ ارتفاع نسبة النساء الأعضاء النساء في كل من الهيئات الإدارية والعامة التأسيسية في الريف تحديدا حيث بلغت حوالي 26%,27%,35% على التوالي .
المرأة والاعلام
تشكل الصحافة إحدى وسائل الإعلام الهامة في المجتمع . ولذا كلما ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في مجالس النقابات الصحفية كلما كانت أكثر تأثيرا في تشكيل الرأي العام .
وتشير البيانات إلى تدني نسبة النساء بشكل ملحوظ حيث لم يزد عدد النساء من بين رؤساء تحرير الصحف عن امرأة واحدة ويتضح من فجوة النوع الاجتماعي لعام 1998 غيابا كاملاً للنساء عن رئاسة تحرير الصحف اليومية, في حين كانت قيمة الفجوة بين الرجال والنساء في الصحف الأسبوعية منحازة للرجال بشكل كبير . وانخفضت قيمة الفجوة للصحف اليومية في عام 2003 بعد تعيين رئيس تحرير من النساء لإحدى الصحف اليومية مما خفض قيمة الفجوة , في حين أن النساء غبن بشكل كلي عن رئاسة الصحف الأسبوعية في عام 2003.
أجمع عدد من الصحافيين وقادة الرأي والفكر ورؤساء هيئات حقوق الإنسان في الأردن على وصول حرية الرأي والتعبير إلى موقع متقدم خلال السنوات الأخيرة .
ويعتبر الأردن من الدول المتقدمة في مجال الحرية ولقد قطع شوطاً كبيراً في منح مواطنيه الحرية الكاملة للتعبير وإبداء الرأي.
ويعد الأردن الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا توجد فيها معارضة خارج الحدود لأن المناخ الديمقراطي في الداخل يسمح لها بحرية التعبير المطلق وهذا مؤشر كبير على امتلاك قادة الرأي والفكر حرية الرأي والتعبير .
وعلى ذلك يترتب وجود مساحة كبيرة لحرية الرأي والتعبير في الأردن وينعكس ذلك في وسائل الأعلام المختلفة بتمثيل الآراء السياسية التي تعبر عن جميع ألوان الأطياف السياسية بكل حرية .
ومن الواضح أن لدى الأردنيين في الأردن هامشا كبيراً وكافيا للتعبير عن الآراء سواء كانت المؤيدة لوجهة نظر الحكومة أو المعارضة وهناك توسع باستمرار عبر إجراءات وأنظمة وقوانين متجددة خاصة ما تضمنته بنود الأجندة الوطنية .
ولديهم هامشاً كبيراً من النقد يمكنهم من إبداء وجهة نظرهم وتطوير حرياتهم العامة .
الإعلام والنوع الاجتماعي:
في كل بلد من بلدان العالم يعتبر الإعلام من أهم الوسائل في حياة الشعوب والأمم، لنشر الوعي والتثقيف والتوجيه، ونقل الخبر حسب سياسة الدولة الداخلية والخارجية.
كان الإعلام السابق مقتصرا على الأدب من خلال الشعر والرواية والقصة، ثم الكتب التربوية الموجهة، لكن في العصر الحديث أصبحت هناك وسائل أخرى هامة جدا في الميدان الإعلامي وهي الصحافة والإذاعة والتلفزيون.
أما عن الصحافة: تعتبر الستينات من القرن العشرين هي العصر الذهبي للصحافة في الأردن ونشط العمل فيها، وخاضت المرأة ميدانها ككل الميادين. وقبلها لم يكن هناك نشاط يذكر للمرأة في الأردن في هذا المجال، إلا أنه في الخمسينيات بدا نشاط المرأة يتخذ شكلاً آخر من العمل المستمر في مجال الكتابة فكتبت القصة القصيرة، والفكرة والخاطرة والمقالة وفي بداية الستينات بدأت المرأة بالعمل في الصحف لساعات محدودة وبدأت بإجراء المقابلات الصحفية وتغطية بعض المواضيع الاجتماعية محلياً من خلال حضورها المؤتمرات والندوات، ثم نشطت في الكتابة في المجلات الأسبوعية والشهرية وصدرت مجلة تخص المرأة مثل مجلة فتاة الغد عام (1950) الناطقة بلسان المرأة والتي تعرض قضاياه المختلفة على النطاق المحلي وقضايا المرأة عامة. وأشرف على تحريرها سيدات مثقفات يعملن في العمل العام. ثم صدرت مجلة الأسرة عام (1961) وهي مجلة ثقافية، اجتماعية، نسائية.
ولقد عملت المرأة في مهنة الصحافة ومارستها لفترة من الزمن، فهناك الكثير من النساء اللواتي توقفن عن مزاولة النشاط الصحفي في بداية الخمسينيات إلى وقتنا هذا، إلا أن اللواتي لا زلن يمارسنها حتى يومنا هذا بلغ عدد المسجلات منهن في نقابة الصحفيين (85) صحفية،ولم تتبوأ أي صحفية أردنية مركز النقيب وانما شاركت صحفية واحدة في دورة بين ( 96 –98) لعضوية مجلس النقابة ممثلة عن أصحاب الصحف الأستاذة الصحفية ” محاسن الإمام ” وتبعتها صحفيات أخريات . وأعداد الصحفيات في تزايد مستمر وخصوصاً بعد إنشاء أكثر من كلية للصحافة في الأردن وتبوأت المرأة الصحفية مناصب ومواقع متقدمة كرئيسة تحرير جريدة يومية وأسبوعية، إضافة إلى موقع كعضو مجلس في نقابة الصحفيين، وأصدرت أيضا العديد من النشرات والمجلات المتخصصة، ويعتبر ارتفاع مساهمة المرأة الأردنية في هذا القطاع مؤشرا جيدا على التأثير في الرأي العام لكن البيانات تشير الى تدني نسبة النساء بشكل ملحوظ حيث لم يزد عدد النساء بين رؤساء تحرير الصحف عن امرأة واحدة ويتضح من فجوة النوع الاجتماعي لعام 1998 غيابا كاملا للنساء عن رئاسة تحرير الصحف اليومية ، وانخفضت قيمة الفجوة في عام 2003 م بعد تعيين رئيس للتحرير من النساء لإحدى الصحف اليومية مما خفض قيمة الفجوة .
أما عن الإذاعة والتلفزيون: بدأت المرأة العمل في هذا المجال عام (1959) حيث تم إنشاء محطة الإرسال في عمان، وقد واكبت المرأة هذه المرحلة الإعلامية من بداية تأسيسها بالرغم من وجود الصعاب والتحديات في طريقها، فالعادات والتقاليد لم تكن تشجع المرأة في هذا الميدان من العمل، ولكنها كافحت وناضلت لتعمل في هذا المجال الحيوي الهام، فأرست القواعد الأساسية للعديد من البرامج التثقيفية للكثير من بنات جنسها، حيث عملن في مختلف الأقسام من مذيعات ومقدمات برامج ومعدات مواد إذاعية، فبالنسبة لبعض البرامج نجد أن المرأة تستطيع أن تكون أقدر على تقديم برامج خاصة لها، وتستطيع أن تتفهم مشاكل المرأة المستمعة وقضاياها فيكون الحديث من المرأة إلى المرأة، كذلك بالنسبة لبرامج الأطفال فنجد أن صوت المرأة أعمق وأكبر تأثيراً على نفسية الطفل في السنوات الأولى من عمره، وهناك التمثيليات والروايات الاجتماعية الهادفة التي لا بد من توفر عنصر نسائي لها، وهنا نرى أهمية تواصل العنصر النسائي كعامل هام وشريك فعال في إنجاح البرامج الإذاعية.
أما عن التلفزيون، فقد أقبلت المرأة على العمل في مختلف مجالاته دون عقبات، حيث وجدت المجال ممهداً أمامها، فالشاشة الصغيرة استطاعت أن تستقطب العديد من الوجوه النسائية، حيث تم تأسيس التلفزيون في ظروف اجتماعية وثقافية أفضل بكثير من الظروف التي تأسست بها الإذاعة من قبل، واستطاعت المرأة أن تثبت وجودها فيه كعنصر فعال حيث تقوم بتقديم البرامج التثقيفية وتعالج مشاكل المرأة وقضاياها، وتقوم بتقديم البرامج المسلية للأطفال، كذلك بالإعداد والإخراج، وتشترك في معظم الأعمال الفنية في التلفزيون، إلى درجة أن الخبرة الأردنية في هذا المجال يستفاد منها في الفضائيات العربية المختلفة.
إن قضية المرأة هي جزء لا يتجزأ من قضية المجتمع ككل، ولأنها ليست قضية تحرر فقط، وإنما قضية اجتماعية وقومية، كما أنها قضية تنموية بالمعنى الواسع الذي يضع في اعتباره المشاركة في اتخاذ القرار وفي القيام بالمسؤولية وتحملها، من هنا كانت قضيتها واجبة التحرك مع باقي قضايا المجتمع التي تسعى إلى النهضة والتحديث بما يتناسب مع روح عصر جديد، مستفيدة من إمكانيات عالم متغير. ففي عالم متغير مع التقدم العلمي والتكنولوجي محدثاً ثورة في مجالي الإعلام والمعلومات من خلال البث الفضائي والأقمار الاصطناعية، وفي ظل مناخ يسود الدفاع عن حرية الرأي والحق في التعبير الحر، ومناصرة قضايا حقوق الإنسان، ومناصرة مفاهيم العدالة والمساواة والحرية نتساءل هل استفادت المرأة من ذلك التقدم على تحسين أوضاعها في مجال عملها؟ أم أن ظروف مجتمعها ما زالت تكرس البعد النوعي لجوانب عدم المساواة بين المرأة والرجل، معبرة عن وجود فجوة عميقة بين التقدم العلمي والتكنولوجي والواقع الاجتماعي.
وبما أن حق المرأة جزء من حقوق الإنسان، ولأن المرأة نصف المجتمع، من هنا وضعت قضاياها في الاعتبار في إطار الاهتمام بقضايا الإنسان والدفاع عن حقوق الفئات الأكثر تضرراً. وقد وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أساساً لهذا التوجه الذي انطلقت منه فيما بعد الاتفاقيات التي تنص على عدم التمييز من أي نوع بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، ومن خلال تلك الاتفاقيات، صدرت اتفاقيات أخرى مخصصة أساساً لحماية حقوق المرأة الإنسانية بشتى أنواعها، وهذه الاتفاقيات تعمل على الحفاظ على حقوق المرأة وتؤمن حريتها الشخصية ومساواتها مع الجنس الآخر. ولكن هذه الاتفاقيات من الممكن أن تظل حبراًً على ورق في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية تكرس التفاوتات النوعية بين الرجل والمرأة، وإذا لم تتوافر الظروف الضرورية لممارسة حقوقها سيظل وضع المرأة كما هو بدون تغيير يذكر. حيث تزداد العادات قوة والتقاليد تشدداً في مجتمعنا، وتبدو التفرقة بين الجنسين في أوضح صورها، حيث يكتسب الرجل قيمة لكونه ذكراً، وتتدنى مكانة المرأة لكونها أنثى.
ولعل أوضح الأمور التي تظهر مدى التباين بين الجنسين في مجالات كثيرة في المؤسسات الإعلامية حيث يقف الرجل عائقاً أمام ترقية المرأة الموظفة إلى المستويات الإدارية العليا، وذلك لوجود فجوة نوعية تؤكد عدم المساواة بين الرجل والمرأة، مما يجعلنا نتساءل علن العوامل التي تجعل الرجل يقف هذا الموقف.
ومما يؤسف له أننا ما زلنا حتى يومنا هذا نرى أن صورة المرأة في وسائل الإعلام لا تعبر عما وصلت إليه المرأة في مسيرة تقدمها على مستوى المجتمع العربي، كما أنها لا تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي الذي تعيشه المرأة اليوم، وتبدو تلك الصورة في بعض وسائل الإعلام- مقروءة ومسموعة ومرئية- مغلوطة في بعض الأحيان، بل ومشوهة في أحيان أخرى، كما تميل في بعض المواقف إلى التركيز بشكل مبالغ فيه على النماذج السلبية للمرأة دون الإيجابية منها، وعلى وسائل الإعلام العمل على إيجاد صيغة لتوعية المجتمع بالدور الذي تقوم به المرأة بالتعاون مع المهتمين بشؤون المرأة من الأكاديميين لتحقيق مسيرتها نحو التقدم، وكذلك استخدام الإعلام في تغيير المفاهيم السائدة والموروثات التقليدية والأفكار الخاطئة حول المرأة ودورها، بحيث تأتي الرسالة الإعلامية للمجتمع لتحقيق الهدف المنشود من وراء جميع الجهود المبذولة في هذا الصدد، ألا وهو تحقيق التنمية الشاملة. ولا نستطيع أن ننكر التغيير الذي حدث لتغيير صورة المرأة في الوسائل الإعلامية، وأن الجهود المبذولة قد خلقت وعياً بقضية المرأة، ليس على المستوى الرسمي فقط ولكن أيضا على مستوى الجهود الشعبية ممثلة في المنظمات غير الحكومية، وبرغم هذه التقدم ، إلا أنه ما زالت هناك فجوات قائمة تهدد الجهود المبذولة في هذا الصدد، وما زال الإعلام يقدم صورة غير متوازنة لا تعكس متغيرات المجتمع المختلفة وتنوع نماذجه، وتقدم في بعض الأحيان صورة مهنية عن المرأة. ونرى أن وسائل الإعلام تملك إمكانيات هائلة تستطيع من خلالها تغيير أوضاع المرأة إذا أحسن توظيفها التوظيف الأمثل. فالإعلام له دور، كما أن عليه مسؤولية لا بد من التصدي لها في أحداث عمليات التحديث والتطوير وبذل الجهود لتقديم التطوير المتوازن غير النمطي للمرأة في وسائل الإعلام من خلال أكثر البرامج الإعلامية شيوعاً كالإذاعة والتلفزيون والصحافة اليومية والأسبوعية وغيرها. كذلك رصد التغيرات التي حدثت للمرأة في الفترة الأخيرة بما يبرز وضعها الحقيقي، ويعمل على تقليل الفجوة الحادثة بين نوعي الجنس، وأن قضية المرأة جزء لا يتجزأ من قضايا المجتمع، ودمج المرأة في كافة الأنشطة السياسية والاقتصادية المختلفة، وتأكيد فكرة النهوض بالمجتمع والرقي به لن يتم إلا بمشاركة المرأة والرجل معاً دون أدنى تفرقة كما يجب أن تلعب وسائل الإعلام دوراً في تغيير صورة المرأة وذلك عن طريق تأكيد الدور الاجتماعي الذي تقوم به في المجتمع، وإظهار إسهاماتها المختلفة في النهوض به عن طريق إظهار النماذج من الشخصيات النسائية الناجحة في مجالات عدة، فمن شان ذلك أن يعزز مكانتها ويزيد ثقتها بنفسها، ويساعد على الانطلاق لتأكيد دورها في الحياة العامة، وتدعيم معايير المشاركة واتخاذ القرار إلى تبدو بعيدة عنه غير مشاركة فيه، سواء على المستوى الأسري أو المستوى الاجتماعي الذي ينبغي أن يكون للمرأة فيه نصيب كنصيب الرجل.
على الرغم من الزيادة الكمية في عدد النساء العاملات في قطاعات مختلفة، بيد أن قلة منهن قد وصلن إلى مناصب ترقى إلى مستوى اتخاذ القرارات، أو يعملن في المجالس أو الهيئات الإدارية التي تؤثر في السياسات الإعلامية.
وتتجلى الفروق النوعية الواضحة في المناصب العليا في وسائل الإعلام في القوالب النمطية القائمة على أساس الانتماء الجنسي، وهنا نجد الاهتمام بزيادة مشاركة المرأة ومساعدتها على الوصول إلى مناصب اتخاذ القرار، وتحسين فرصها في التعبير عن آرائها، واتخاذ القرارات المهمة في وسائل الإعلام المختلفة.
يبدو أن وضع سياسات اجتماعية للنهوض بالمرأة أمر يتسم بالصعوبة في إطار مجتمع نامي، يمر بمرحلة انتقال غاية في الصعوبة، لها متطلبات ملحة، وتمر بأزمات متعدد، وزيادة سكانية كبيرة، في عطار من قلة الموارد المتاحة، مما يخلق الكثير من المشكلات التي تبدو في ظاهرها متفرقة، في حين أنها مترابطة في الحقيقة، تؤدي كل منها إلى الأخرى.
إن العديد من الكتب والأبحاث تناولت الدور القيادي للمرأة والأسباب المؤدية على تغيب المرأة عن هذا الدور، ولأهمية الوقوف على الأسباب والصعوبات التي تكمن وراء تغيب امرأة عن هذه الأدوار القيادية الإدارية في الجهاز الوظيفي، وصورة مشاركة المرأة في التنمية الشاملة التي يقوم على مدى توفر الكفاءة الفعالة والفاعلة من القوى العاملة، لا أساس الصدفة والظروف الاجتماعية والاقتصادية، أو على أساس الجنس أو السلطة الذاتية في تحديد مدى مشاركتها في مسؤوليات القرار، فهل تعود هذه الأسباب والصعوبات إلى افتقار المرأة إلى المعرفة والمهارات الإدارية والعلمية اللازمة لنجاحها في المناصب القيادية، أم إلى سلبية المرأة الذاتية في انطلاقها إلى هذه الأدوار أم إلى أعراف وتقاليد وعوامل اجتماعية سيطرت على القوانين والتشريعات وحدت من سلطتها دون المرأة، أم إلى عوامل نابعة من السلطة الإدارية المؤسسية وتحيز من جانب الرجل فيها نحو تحديد مشاركة المرأة في العمل الإداري.
وحيث تظهر المرأة الأردنية في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وبأكثر من شكل ، فهي عاملة في هذه الوسائل منتجة لمادتها الإعلامية ومقدمة لها ، وأيضا هي موضوع هذه المادة الإعلامية ومستقبل رئيسي لها خصوصا وسائل الإعلام المسموعة والمرئية .
من هذه فإن دراسة واقع المعوقات التي تواجه الإعلاميات العربيات ما هي إلا عرض لمؤشرات عامة تنبثق من أن هناك ملامح وأوضاع مشتركة يعيشها المجتمع العربي رغم تنوع بيئته ومنظوماته الاجتماعية والفكرية حيث يمكن الإفادة منها في تحديد الأولويات التي يمكن لدراسات ميدانية عربية قادمة أن تأخذ بها فيما لو تبنت الجامعة العربية أو أية جهة أو هيئة علمية إنجازها في منهجية موحدة للبحث على امتداد مجتمع الوطن العربي. وسوف أعرض أهم النقاط المحورية في هذا الموضوع.
* العقبات السياسية التي تواجه الإعلاميات العربيات:
ترتبط هذه المسألة بشكل مباشر بواقع قرب أو بعد المرأة في المجتمع عن مواقع القرار، فالمجتمع الذي يفتح المجال أمام المرأة لتحتل مكانها في مواقع صنع القرار نتيجة للدعم والتأييد لها من قبل القيادة السياسية ونتيجة نضالها ونجاحها في أداء ذلك الدور الهام في المجتمع فإن العقبات التي يمكن أن تواجه الإعلاميات تكون أقل إلى حد كبير من المجتمعات التي لا تسمح بوصول المرأة إلى تلك المواقع الهامة مثل تمثيلها في السلطة التشريعية في مجالس الأمة وغيرها مثل تعيينها في السلطة التنفيذية وزيرة أو نائب وزير، وكذلك في السلطة القضائية التي تجسد ثقة الدولة بها كقاضية أو نائب عام.
ورغم أن هذا الحضور الرسمي في الهيئات والسلطات لا يعكس بالضرورة واقع جميع فئات النساء في المجتمع والتي تكون الغالبية فيه تعيش أوضاعا ضاغطة وغير عادلة فيما يتعلق بحقوقها وأدوارها. إلا أن حضور المرأة في مواقع اتخاذ القرار يساهم إلى حد كبير في دفع مسيرة تقدم المرأة واتساع مشاركتها في ميادين الحياة والفكر والإعلام ويساعد في إيصال صوتها ومطالبها وطموحاتها إلى الجهات التي تصنع القرار.
ورغم نجاح مئات النساء الإعلاميات في تحقيق إنجازات هامة وحيوية وتسلم مواقع حساسة في مجال العمل الإعلامي إلا انه ما تزال هناك نظرة إلى المرأة كمحللة سياسية أو رئيسة صحيفة سياسية أو معدة لبرامج سياسية، تدل على استمرار الموقف النمطي المنبثق عن ترسبات قديمة لم تكن تعط للمرأة مكانها في هذا المجال وتعتبره شأناً يجب أن يكون حكراً على من مارسوا العمل السياسي وكانوا في مواقع السلطة لقرون طويلة، ناسين أن المرأة التي تربي الرجال الأبطال وشباب المقاومة هي التي تهيؤ والتي تحمل هموم الوطن وتتحمل نتائج السياسات في السلم والحرب. وقد أثبتت شواهد التاريخ ووقائع الحياة الدور الكبير للمرأة في مجال السياسة والإعلام وعليها أن تثبت نفسها علمياً وسياسياً وتؤكد نجاحها، لتحقيق التغير الاجتماعي وتغيير النظرة التقليدية لها ولأدوارها ومشاركتها في العمل السياسي والنضالي والاجتماعي.
واسمحوا لي هنا أن أعرض عليكن جزءاً من تجربة مركز الإعلاميات العربيات في هذا المجال حيث استطاع المركز أن ينفذ برامج متعددة ليس فقط للإعلاميات وإنما لدمج المرأة في العملية الإعلامية ومساعدتها على الوصول في إبداء الرأي بممارسة ديمقراطية فعلية مهما اختلفت ثقافتها وبيئتها ووضعها الاجتماعي إلى مواقع صنع القرار سواء كان ذلك في مؤسستها التي تعمل بها أو من خلال وجودها في المؤسسات التطوعية.
ولأننا نؤمن في المركز بأهمية إيجاد شبكة نسوية عربية أوجدنا وتنفيذا لقرارات مؤتمر الإعلاميات العربيات الأول 2001 شبكة الإعلاميات العربيات التي نتمنى أن تصبح شبكة فعلية على أرض الواقع وليس شبكة إلكترونية.
وترتبط مجالات فتح الفرص أمام المرأة في البعثات الإعلامية والتدريبات الإعلامية في الخارج والداخل وفي مدى تهيئها علميا ومنهجياً للقيام بالدور الموكل إليها. إذ أن التخصص واستكمال التدريب هو أمر أساسي لنجاح الإعلاميات العربيات للقيام بأدوارهن، وهذه القضية تدخل في مجال دراسات النوع الاجتماعي ومدى التمييز بين الذكور والإناث في الفرص والأدوار ولا شك أن درجة التمييز تختلف من مجتمع أو نظام سياسي اجتماعي إلى آخر في إطار الوطن العربي تبعا لتحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين في جميع مجالات الحياة ومن بينها مجال الإعلام وواقع العمل الإعلامي.
* المعوقات الاجتماعية أمام الإعلاميات العربيات:
تواجه المرأة العربية بشكل عام من المعوقات الاجتماعية التي تحول دون أدائها الأمثل في مجال العمل والإنتاج أو قد تحول دون مشاركتها أصلا في العمل. ويشكل العمل في مجال الإعلام وصفاً خاصاً ومميزاً نظراً لاعتبارات عديدة تتعلق بالعمل وبالموقف الاجتماعي من طبيعة ذلك العمل.
* تعدد أدوار المرأة العاملة:
فالعمل في مجال الإعلام المرئي والمسموع والمقروء هو عمل متواصل يحتاج إلى متابعة دائمة ومستمرة وغير محددة بأوقات دوام كثيرة في الوظائف وأنواع العمل الإداري والتعليمي أو العمل في مجال الخدمات والصناعات فالعمل في مجال التلفزيون أو السينما يتطلب استمرار الحضور والمتابعة في ساعات عمل طويلة وقد تكون مسائية، كما يتطلب التعاون مع أعداد كبيرة من الفنيين اغلبهم من الرجال، كما يتطلب السفر.
وكما أن طبيعة المواقف الاجتماعية في العديد من المجتمعات المحلية في الدول العربية ترفض بشكل ضمني أو صريح تلك الظروف الاجتماعية المحيطة بالعمل أو ما يدعى بعلاقات العمل والمحيط الاجتماعي مما يربك الإعلاميات ويؤثر على علاقاتهن الأسرية وأدوارهن بشكل عام أو يؤثر على أدائهن فيضعف منه إلى حد كبير، وينطبق هذا الأمر على الإعلام المقروء والمسموع إذ أن مهنة الصحافة ومتاعبها المعروفة في حال كون المرأة محررة أو مخرجة أو رئيسة تحرير أو معدة برامج كل ذلك يتطلب الدوام غير المنتظم والمستمر والعمل في ظروف فنية أو اجتماعية لم يعتد عليها المجتمع في معظم منظوماته وفئاته الاجتماعية.
وان تسليط الضوء على هفوات وأخطاء وتقصير بعض الإعلاميات وبشكل جزئي بسيط أكثر من الأخطاء والهفوات التي يرتكبها الرجال هو أمر مقلق ومعرقل للعمل.
* قضايا التمييز في التدريب والتأهيل:
لم يعد العمل الإعلامي يعتمد على المواهب والقدرات الذاتية والطموحات بل اصبح يعتمد على فن العلوم المتقدمة التي تحتاج إلى تدريب وتأهيل في أعلى مستويات الأداء والكفاءة وقد تخطط برامج التدريب والتأهيل والدورات والندوات دون الأخذ بعين الاعتبار لظروف الإعلاميات من حيث توقيت الدورات أو موقعها أو مدتها الأمر الذي يبدو مشاركة غالبية الإعلاميين وندرة من الإعلاميات اللواتي تتوافق أوضاعهن وظروفهن مع تلك الدورات، كما أن الترشيح لتلك الدورات له طرقه وسبله الذي قد يكون للإعلاميين قدرة على الوصول إليها والاستفادة منها عن طريق المعارف والعلاقات الشخصية، والتي لا يمكن للمرأة أن تنافس الرجل فيها إضافة إلى مواقف تخطيطية مسبقة تستبعد في الكثير من الأحيان ترشيح الإعلاميات إلى مثل تلك الدورات أو البعثات أو التدريبات، فتقل بذلك كفاءة الإعلاميات عن الإعلاميين وتتباعد الفجوة مع الزمن بينهما ولا يتم إزالة تلك الفجوة وتبقى المنافسة واضحة صريحة وتسعى المرأة لإثبات الذات وتأكيد ضرورة المشاركة من الإعلاميات أو من خلال تحقيق العدالة والمساواة في فتح الفرص للجنسين في الارتقاء بأدائهن من منطلق الإيمان بمبدأ العدل والثقة بقدرات المرأة والتوجه السياسي الداعم لها ولحضورها ولمشاركتها، ويختلف ذلك بالطبع بين توجه أي نظام اجتماعي وسياسي وآخر في المجتمع العربي.
* عدم الفصل بين الإعلاميات وإنتاجهن:
إن معاناة الإعلاميات وكاتبات القصص والمحررات من الموقف الاجتماعي الذي لا يفصل بين الحياة الشخصية والموقف الفكري النافذ أو الفن في عرض الصور الإعلامية، فكثيرا يتم الخلط بين بطلة المسلسل أو الفيلم أو القصص أو موضوع التحرير وبين من كتبته أو دققته أو أعدته فلا يمكن التحدث عن قصة أو مقالة أو قضية اجتماعية أو تحليل إلا ويربط بصاحبة المقال أو القصة القصيرة أو البرنامج وهذا يشمل بشكل عام الإنتاج الأدبي للمرأة بشكل عام مما يربك إلى حد كبير ويجعل الإعلاميات يمتنعن عن عرض قضايا حساسة وجديدة خوفاً من أن يوصفن ضمن دائرة الضوء والنقد اللاذع بينما يتصدى الإعلاميين لقضايا اجتماعية حساسة ومحرجة دون أن يشار إليهم بإصبع الاتهام ولا شك أن ذلك الأمر يحتاج إلى عقود طويلة متى يتحقق نجاح الإعلاميات في جميع المواضيع واثبات ذلك الفصل بين القضايا المدروسة والمسائل الخاصة ويتم ذلك عن طريق تتابع المرأة الأدبية والدفاع المنطقي والعلمي عن القضايا المطروحة وقد أثبتت الإعلاميات مواقفهن ومبادراتهن المنطلقة من حس المواطنة والرغبة في التعبير الهادف لتحقيق العدالة الاجتماعية في الوطن العربي عبر العقود الماضية.
* المعوقات الاقتصادية التي تواجه الإعلاميات العربيات:
بينت الدراسات الإحصائية أن نسبة النساء صاحبات الأعمال تزداد في المجتمع العربي إلا أنها ما تزال نسبة ضئيلة إذا ما قورنت بنسبة أصحاب رؤوس الأموال والمنتحبين وقد كان مجال الإنتاج الإعلامي من اقل المجالات التي استهوت المرأة أن تدخل فيه كمنافسة، كما أنه تأخر عن غيره من المشروعات إلى حد ما حتى اكتسبت النساء ذوات الكفاءة في مجال الإعلام القدرة المادية والأدبية على خوض تجارب الإنتاج والتمويل للمشروعات والأفلام الإعلامية أو إدارة دور النشر، وللصحافة على حسابها الخاص كون ذلك من القطاعات التي استأثر بها الرجال لعهود طويلة ورغم نجاح العديد من تجارب الإنتاج في مجالات الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الآونة الأخيرة إلا أنها كانت تجارب فردية ومميزة لنساء ذوات شهرة أو قدرة مادية فائقة أو روح عالية لا تهاب المغامرة والتصدي لعمل فكري وفني جديد ومميز ويحتمل المفاجئات. فقد يتم أحيانا إخراج فكرة مسلسل بغير الغرض أو الهدف المطروح في النص المكتوب، وقد تتعرض الإعلامية إلى فشل أو نجاح لا يرتبط بها شخصياً بل بمجموعة من الفنيين المساعدين الذين قد لا تتمكن من توجيه جميع تفاصيل عملهم.
كما يحيط بإنتاج الأعمال الصحفية والمرئية نوع من علاقات العمل القائمة على منافسات شديدة لم تكن الإعلاميات مهيئات لهن كما هو عليه الإعلاميون الذين تمرسوا وخاضوا تجارب مماثلة.
إن جملة هذه الحيثيات التي تظهر في مواقع العمل قد تجعل العديد من الإعلاميات أن يحجمن على الدخول في جو المنافسة أو العمل ذو الطبيعة الصعبة والمربكة وهذا ما أخر إلى حد كبير دخول المرأة في هذا الميدان إلا للمتمرسات وذوات التجارب الناجحة واللواتي اثبتن قدرات فائقة في الإخراج والإنتاج والإدارة ولا شك أن أعدادهن تتزايد بشكل مطرد ويثبتن نجاحاً ويضعن بصمة خاصة وهن يساهمن إلى حد كبير في التغيير الاجتماعي. وإيصال رسائلهن الإعلامية إلى شرائح كبيرة في المجتمع العربي ويحاولن أن يعكسن هموم المرأة ويطرحن قضايا العدالة والمساواة وتوضيح الغبن الذي لحق بالمرأة وتعديل القيم والمفاهيم كونهن يملكن زمام الأمور والقرار في النص وطريقة الإخراج أو طريقة عرض الفكرة بشكل مكتوب أو مسموع أو مقروء ومما لا شك فيه أن قدرات المرأةوطموحاتها التي لا يقف في وجهها أي تحد أو عقبات سوف تثبت مع الأيام الجدارة والاقتدار الفائق والأمثلة كثيرة وعديدة يشهد عليها الإنتاج التلفزيوني والإذاعي والصحفي في جميع أرجاء الوطن العربي ويبقى علينا نحن الإعلاميات الدور الأكبر في استمرار النجاح وتحقيق الذات.
وكما أنه من الجدير بالذكر ما جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام (2004) من نتائج هامة :
في الأردن فازت (6) سيدات كلهن من خارج العاصمة بالمقاعد المخصصة للنساء في انتخابات مجلس النواب التي جرت في أواسط 2003 , في أول تطبيق لتخصيص حصة للنساء في الانتخابات النيابية , وضمت الوزارة التي شكلت في نهايات العام 2003 لأول مرة ثلاث وزيرات .
وإن دل على شيء إنما يدل على التنمية السياسية في الأردن واشراك النساء في مسؤولية صنع القرار السياسي .
هناك بلاشك بدايات إصلاح في أكثر من مجال من تلك التي يدعو بها أي مواطن , ولكنها مازالت جنينيه متناثرة ولا خلاف في أن بعض الإصلاحات التي قامت حقيقة وواعدة , ولكنها في مجالها لا ترقى إلى مستوى القضاء على مناخ كبت الحرية المستقر , من ناحية , ومن ناحية أخرى نخشى أن يبقى بعض الإصلاحات معالجة سطحية تؤجل الإصلاح في الجذور خاصة من منظور ضمان الحرية والحكم الصالح .
مقدمه من
رئيسة مركز الإعلاميات العربيات
محاسن الإمـــــــــــــــــــــــــام