استعرض جهودها بالتنويع الاقتصادي والتحديات والمتغيرات الوطنية والإقليمية –
أكد مؤتمر عمان للمناطق الاقتصادية والحرة لعام 2019 ، أن السلطنة تسير بخطى واثقة وراسخة نحو نمو اقتصادي متوازن ومستدام، واستعرض المؤتمر الذي انطلقت أعماله أمس جهود السلطنة في التنويع الاقتصادي وتنمية قطاعات إنتاجية واعدة، والوقوف على طبيعة التحديات والمتغيرات الوطنية والإقليمية التي تواجه هذه الجهود، وبلورة أفكار حول أفضل طرق للتعامل معها. وجاء المؤتمر بعنوان «عُمان مركز محوري متنوع للوجستيات والصناعة».
رعى
افتتاح المؤتمر معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، الذي أشار
في تصريح صحفي إلى أن المؤتمر أظهر جهود السلطنة في تنويع الاقتصاد ومدى نجاحها في
هذا الإطار، مضيفا: أن المؤتمر أعطى فرصة للمشاركين والمستثمرين لمعرفة جوانب
الاستثمار في السلطنة كقطاع الصناعة والموانئ التجارية والزراعة والثروة السمكية
والمصارف والسياحة.
وأكد معالي الدكتور رئيس مجلس الدولة أن المراسيم السلطانية السامية، التي صدرت في
تطوير البنية التشريعية في كثير من القوانين الاقتصادية والاستثمارية ستساعد على
إعطاء الفرصة للمستثمر الأجنبي والأرضية الصحيحة للاستثمار في السلطنة .
إنجازات
من جانبه قال معالـي يحيى بن سعيد الجابري رئيـس مجـلس إدارة الهيئة العامـة
لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات «إثراء» في كلمته الافتتاحية: إن المؤتمر يهدف
إلى توفير منصة وطنية لاستعراض جهود السلطنة في التنويع الاقتصادي وتنمية قطاعات
إنتاجية واعدة فيه، ثم الوقوف على طبيعة التحديات والمتغيرات الوطنية والإقليمية
التي تواجه هذه الجهود، وبلورة أفكار حول أفضل طرق للتعامل معها.
وأشار معالـي يحيى الجابري إلى أن السلطنة حققت منذ بزوغ فجر النهضة المباركة
العديد من الإنجازات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، والمتمثل في زيادة الناتج
المحلي الإجمالي، وزيادة نصيب الفرد من هذا الناتج، وتطوير مرافق البنية الأساسية
والخدمات الاجتماعية في كافة محافظات السلطنة، وتحرير التجارة والاندماج في
الاقتصاد العالمي، وتعظيم الاستفادة من الميزات النسبية للسلطنة من حيث الموقع
الإستراتيجي والمناخ السياسي المستقر والعلاقات المتينة مع دول الجوار والعالم.
أوضح أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في العام 2018 بلغ حوالي 30.5
مليار ريال عماني، وحقق معدل نمو سنوي خلال الخطة الخمسية الثامنة بلغ ٣.٥%، ومن
المتوقع أن يبلغ هذا المعدل خلال الخطة الخمسية التاسعة حوالي 2.8%، في حين ارتفع
نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي خلال نفس الفترة من 5.860 ريال عماني إلى
6.625 ريال عماني، بمعدل نمو سنوي بلغ 1.23%، وقد جاء الأداء الجيد للسلطنة على
هذه المؤشرات بالرغم من الانخفاض الحاد الذي طرأ على العوائد النفطية منذ مطلع
العام 2015م.
وبين أن السلطنة قطعت شوطاً طويلاً على طريق التنويع الاقتصادي، واستغلال وتعزيز
الموارد غير النفطية، وتشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي المباشر، إلى جانب
تعزيز آليات السوق، وتشجيع روح المبادرة الفردية والريادة في الأعمال، وتعميق مناخ
الحرية الاقتصادية، وتوفير بيئة تنظيمية ملائمة للاستثمار وممارسة الأعمال، وإبرام
العديد من الاتفاقيات التجارية في الإطار الثنائي والمتعدد الأطراف، مع شركاء
تجاريين رئيسيين على المستويين الإقليمي والعالمي، بما في ذلك الاتفاقية
الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، واتفاقية منظمة التجارة العالمية،
واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، واتفاقية منطقة التجارة
الحرة العربية الكبرى، والعديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال التشجيع والحماية
المتبادلة للاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي.
وأوضح: أن الاستثمار الأجنبي المباشر شكل عاملاً مهما للنمو الاقتصادي للسلطنة
وزيادة الإنتاجية وتوطين التكنولوجيا، والوصول إلى أسواق تجارية جديدة ومهمة، فقد
بلغ إجمالي الموجودات الرأسمالية في السلطنة من الاستثمار الأجنبي المباشر في
العام 2017 حوالي 9.2 مليار ريال عماني، وبلغ حجم التدفقات المالية لهذا الاستثمار
في العام نفسه أكثر من مليار ريال عماني، محققاً بذلك نسبة نمو مرتفعة بلغت 13.9%.
اقتصاد متنوع
وأشار معالي الجابري إلى أن برنامج التنويع الاقتصادي شكل توجها استراتيجيا لدى
الحكومة من أجل الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة للسلطنة،
والتحول التدريجي من اقتصاد يعتمد في نموه بدرجة أساسية على سلعة واحدة وهي النفط،
إلى اقتصاد متنوع يرتكز على عدة قطاعات إنتاجية واعدة تتمتع فيها السلطنة بميزات
نسبية واضحة، موضحا: انه تم وضع الملامح الأساسية لهذا البرنامج في رؤية عمان
2020، والتي تم اعتمادها كبرنامج عمل حكومي رسمي في العام 1996م، وتم وضعها موضع
التنفيذ في خطط التنمية الخمسية المتعاقبة، ابتداءً من الخطة الخمسية الخامسة
«1996-2000»، وانتهاءً بالخطة الخمسية التاسعة للفترة الحالية « 2016-2020»، والذي
استحوذ من خلالها برنامج التنويع الاقتصادي الاهتمام الأكبر، بحيث تم تسريع وتيرة
الإجراءات التنفيذية لهذا البرنامج، وذلك على أثر الانخفاض الحاد في العائدات
النفطية للسلطنة في العام 2015م، والذي شكل فرصة مؤاتية للقيام بإصلاحات نوعية
وهيكلية في بيئة الاستثمار وممارسة الأعمال على مستوى الاقتصاد الكلي وفي القطاعات
المستهدفة، وخصوصا الصناعة والسياحة والتعدين والخدمات اللوجستية واستغلال الثروة
السمكية.
وقال معالـي يحيى الجابري رئيـس مجـلس إدارة الهيئة العامـة لترويج الاستثمار
وتنمية الصادرات «إثراء»: إنه تم من الخطط الخمسية توظيف الفوائض المالية المتحققة
من العائدات النفطية، في إنشاء وتطوير موانئ السلطنة في صلالة وصحار والدقم، ومطار
مسقط الدولي الجديد، والمطارات الإقليمية في كل من صحار وصلالة والدقم ورأس الحد،
وإنشاء وتطوير سبع مدن صناعية في مواقع مختلفة من السلطنة بالإضافة إلى واحة
المعرفة في مسقط، وثلاث مناطق حرة في صلالة وصحار والمزيونة، ومنطقة اقتصادية خاصة
بالدقم، والبدء بتطوير الميناء البري والقرية اللوجستية في محافظة جنوب الباطنة
ضمن مشروع «خزائن»، حيث شكلت هذه المرافق فيما بينها منظومة متكاملة ومترابطة في
توطين الاستثمار وتطوير سلاسل القيمة المضافة والتزويد في القطاعات الإنتاجية
المستهدفة الصناعية والسياحية، ولجعل السلطنة مركزا لوجستيا مهما على المستوى
الإقليمي.
تنفيذ
وأشار معالي يحيى الجابري إلى الدراسة التي صدرت حديثا عن بنك ستاندرد شارترد
والمسماة بـ «20 Trade»، والذي تم من
خلالها تصنيف السلطنة في المرتبة الأولى على مستوى دول الشرق الأوسط، وفي المرتبة
التاسعة على مستوى 66 دولة في العالم، بالاستناد إلى مؤشر «المؤهل التجاري»، والذي
تم تطويره لقياس معدل التطور الذي حققته هذه الدول في مجال التجارة خلال العشر
سنوات الماضية وتشتمل الدراسة على تقييم 12 مؤشرا فرعيا ضمن العناوين التالية :
تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وحجم التصدير، ومعدل النمو في الناتج المحلي
الإجمالي، وجاهزية البنية الأساسية، والتجارة الإلكترونية، وسهولة ممارسة الأعمال،
والتنوع في الصادرات.
وأوضح: أنه في سبيل إعطاء هذه الجهود الوطنية مزيدا من الزخم والاهتمام، فقد جاء
البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي «تنفيذ» كسابقة في تاريخ العمل الحكومي،
ليتم من خلاله الانتقال بخطة التنمية الخمسية التاسعة من مرحلة تحديد الأهداف إلى
مرحلة وضع الآليات والأدوات التنفيذية المناسبة والكفيلة بالوصول إلى الأهداف
الموضوعة من خلال تنسيق وتضافر الجهود والمتابعة الحثيثة وتقييم الأداء والوقوف في
مرحلة مبكرة على العوائق والتحديات التي تقف في طريق حسن تنفيذ برنامج التنوع
الاقتصادي الوارد في الخطة الخمسية التاسعة، حيث قام البرنامج بوضع مؤشرات
اقتصادية من أجل تحقيقها بحلول العام 2020، وعلى النحو التالي: نمو الأنشطة غير
النفطية بمعدل سنوي يبلغ 4.3%، وقطاع الصناعات التحويلية بمعدل 6%، وقطاع السياحة
بمعدل 5.3%، وقطاع الخدمات اللوجستية بمعدل 5%، وقطاع الثروة السمكية بمعدل 6%،
وقطاع التعدين بمعدل 6%، على أن لا تقل مشاركة القطاع الخاص في تمويل المشاريع
التي يتم تحديدها ضمن القطاعات الإنتاجية الرئيسية عن نسبة 80%.
وقال معالي يحيى الجابري: إننا على ثقة تامة بأن السلطنة تسير بخطى واثقة وراسخة
نحو نمو اقتصادي متوازن ومتنوع ومستدام، تتمتع فيها بقدرة عالية ومرونة على مواجهة
التحديات الاقتصادية التي تطرأ بسبب التحولات الاقتصادية الإقليمية والعالمية،
مستندة في ذلك على قيادة حكيمة تمتاز بالرؤية، ومقدّرات وطنية هائلة، وجهود حثيثة
وصادقة يشارك فيها كافة أبناء الوطن، وتعود بالخير والازدهار لتعم كافة أرجاء
السلطنة.
فرص استثمارية
وقال عزان بن قاسم البوسعيدي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لترويج الاستثمار
وتنمية الصادرات «إثراء»: إن استضافة إثراء للمؤتمر تأتي في إطار الخطة التسويقية
للترويج للاستثمار الأجنبي في السلطنة وتحديدا في المناطق الاقتصادية الخاصة
والمناطق الصناعية والمناطق الحرة.
وبين البوسعيدي أن هناك رغبة من العديد من الشركات خارج السلطنة لاستكشاف الفرص
الاستثمارية داخل السلطنة، حيث يشهد المؤتمر حضور عدد كبير من المستثمرين من خارج
السلطنة.
مدائن
وأوضح هلال بن حمد الحسني الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية
«مدائن»: إن مؤتمر عمان للمناطق الاقتصادية والحرة والصناعية يهدف إلى تعزيز مكانة
السلطنة الاستثمارية على الخارطة العالمية وما مشاركة الأعداد الكبيرة بالمؤتمر
يعد دليلا على المناخ الاستثماري الذي تتمتع به السلطنة من حيث موقعها الاستراتيجي
والتنافسية لاستقطاب أكبر قدر من الاستثمارات وهناك تنوع في الاستثمارات، مضيفا:
أن السلطنة مقبلة على رؤية 2040 وهي تهدف إلى التحول المؤسسي بطريقة مميزة من خلال
الانخراط مع القطاع الخاص وتعزيز الشراكة معه.
وأشار إلى أن «مدائن» تشهد خلال هذه الفترة معدل نمو سنوي يقدر بنسبة 6% وهذا يعد
دليلا على أن المناخ الاستثماري وتسهيل الإجراءات في السلطنة بدأت تتطور وتتحسن
بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية.
وأوضح الحسني أن «مدائن» تعمل على التحول المؤسسي وذلك من خلال مشاركة القطاع
الخاص، حيث قمنا خلال العام الحالي بطرح مناقصات لمنطقتي ثمريت وشناص الصناعية
للتطوير من قبل القطاع الخاص في سابقة هي الأولى من نوعها من خلال الأنظمة
والقوانين المعمول بها في المؤسسة العامة للمناطق الصناعية، مضيفا: إن «مدائن»
قامت بتأسيس شركة «مبادرة» المعنية بإدارة الأصول، حيث تقوم بتحويل بعض المناطق
الصناعية إلى شركات تخضع لإدارة «مدائن» في الوقت الحالي ثم يتم طرح بعض أسهمها
إلى القطاع الخاص، موضحا: أن هذه مقومات جيدة للمستقبل وهناك العديد من الصناديق
السيادية الدولية وكذلك المستثمرين العالميين الذين يبحثون عن استثمارات ذات عائد
مجز وتحت مقومات اقتصادية مستقرة والسلطنة إحدى الدول المتميزة في هذا الجانب.
أوراق عمل
واستعرضت أوراق العمل كيفية استقطاب المزيد من الاستثمارات للسلطنة وما هي الفرص
والتحديات في هذا الإطار من منظور أوروبي، وتطرقت إلى إطار التعاون بين دول مجلس
التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، والذي يرتكز على اتفاق وضع عام 1982م، بموجبه
تم تشكيل مجلس ولجنة التعاون مشتركة تجتمع بشكل سنوي، وذلك لمناقشة المسائل
التجارية والاقتصادية، وتقييم تدفقات الاستثمار بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي.
وأشارت أوراق العمل إلى أن السلطنة تبذل جهودا حثيثة في برنامج التنويع الاقتصادي،
وفي طريقها إلى المزيد من التقدم والازدهار، وأكدت على أن الاستثمارات الأجنبية
تنجح بشكل كبير في السلطنة نظرا إلى استقرارها السياسي والأمني ووجود التشريعات
والأنظمة التي تخدم المستثمرين وموقعها الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب ودول
العالم.
وأشارت أوراق العمل إلى ارتفاع حجم التجارة الثنائية بين السلطنة وبريطانيا إلى
2.8 مليار بوند جنيه استرليني، وأكدت على أن بريطانيا تسعى إلى إنشاء مرافئ جديدة
في السلطنة، والتي ستعزز من دور المرافئ القديمة ويدفع الابتكار قدما، وتعتبر
المرافئ مركزا للفاعلية والابتكار والتجارة، وكذلك الحال بالنسبة للمناطق الحرة،
وعولت أوراق العمل على الصادرات والخدمات الجيدة التي تقدمها السلطنة للمستثمرين.