كشف معرض «بيلاروس على مفترق طرق التواصل الحضاري» الذي استضافه أمس المتحف الوطني ودشنه صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة، وبحضور معالي الدكتور يوري بوندار وزير الثقافة في جمهورية بيلاروس عن معالم من حضارة بيلاروس القديمة ومساهمتها في الحضارة الإنسانية.
وجاء المعرض، الذي يعتبر المعرض الدولي الأول الذي يستضيفه المتحف الوطني، متزامنا مع زيارة وزير الثقافة البيلاروسي للسلطنة التي أثمرت عن توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة التراث والثقافة ووزارة الثقافة في بيلاروس.
وعبَّر صاحب السمو السيد هيثم بن طارق عن أهمية المعرض، مشيرا إلى أنه الأول من نوعه ويأتي جزءا من سياسة المتحف في تبادل المعارض، وجاء بعد يوم من توقيع مذكرة التفاهم بين وزارة التراث والثقافة وبين وزارة الثقافة في بيلاروس، مؤكدا سموه على أهمية تطوير العلاقات الثقافية بين البلدين. وحول أهم معالم مذكرة التفاهم الموقعة قال سموه: تتركز المذكرة حول تبادل الخبرات والتدريب وتبادل المعارض بين البلدين.
من جانبه، قال وزير الثقافة في جمهورية بيلاروس يوري بوندار: إن أهمية المعرض تنطلق من عنوانه «بيلاروس على مفترق طرق التواصل الحضاري» مشيرا إلى أن المعرض يستعرض العلاقات الوطيدة بين بيلاروس والعالمين العربي والإسلامي عبر عصور طويلة، ويضم المعرض عددا من الكنوز الوطنية في بيلاروس تخرج لأول مرة خارج الجمهورية منها حزام فيتوت الذي يجسد قيام الكينونة البلاروسية وهناك كنز فريد من نوعه يسمى كنز مينسك عبارة عن عدد من الدراهم الفضية عمرها ألف عام، وهي تقف شاهدة على علاقة التبادل التجاري بين بيلاروس والعالم الإسلامي وهناك أيضا الشال البيلاروسي الذي يعد رمزا من الرموز الوطنية لبيلاروس.. وأضاف الوزير البيلاروسي: نحن في بيلاروس نعنى بالتربية الوجدانية عناية خاصة، الحكومة تقوم بتجديد وإنشاء المساجد والجوامع وتقوم بتربية الأجيال المسلمة في إطار وجداني ثقافي وطني متكامل.
وحول ما إذا كانت المكتبات في بيلاروس تحتوي على وثائق ومخطوطات عربية قال الوزير: نعم توجد لدينا وثائق باللغة العربية تحفظ في المكتبة الوطنية وفي الأرشيف الوطني، وفي عدد من الجامعات وأيضا في متحف التاريخ الوطني واليوم نعرض إحدى هذه الوثائق وهي عبارة عن كتاب للدعوات من القرن التاسع عشر الميلادي يسمى «كتاب».
ويضم المعرض مجموعة صفائح «فيتوت» وهي من دوقية لتوانيا الكبرى، وهي عبارة عن عملات فضية تعود إلى القرنين الثامن والتاسع الميلاديين. كما عرض في المعرض مجموعة من الحلي والمجوهرات لامرأة شرقية وهي عبارة عن اكسسوارات للصدر، وعقد، وغطاء رأس وزوج من أساور المعصم من الفضة والعقيق الأبيض وتعود للقرن التاسع عشر الميلادي.
كما عرض في المعرض «شال سلوتسك» وكان المعتقد السائد لدى طبقة النبلاء خلال القرن السادس عشر أن أفرادها من نسل السارماتيين وهم من القبائل الفارسية المعروفة، ويعتقد أن هذا الشال من المعتقدات التي تؤكد تلك الفكرة، على أن هذا الشال يعتبر أحد أهم رموز الثقافة البيلاروسية التي ظهرت للوجود بتأثير إسلامي واضح.
كما عرض في المعرض نماذج من وثائق التجنيد الإلزامي الخاصة بسليمان جيمبتسكي التي تعود إلى القرن التاسع عشر، كما عرضت شهادة ميلاد إيفا جيمبتسكايا ابنة السيد سليمان جيمبتسكي وزوجته والصادرة من قبل جامع مينسك الأكبر. إضافة إلى مجموعة من الصور البريدية.
وقال المنظمون في المتحف الوطني: إن المعرض يأتي في إطار إظهار الروابط التاريخية بين بيلاروس والعالم الإسلامي؛ فالتعايش السلمي لشعب بيلاروس مع مختلف شعوب الأمم الإسلامية، والتسامح المتوارث تجاه الإسلام في بيلاروس، يمثلان قيمة عظيمة في هذا الوقت العصيب من الاضطرابات السياسية والاجتماعية حول العالم، كما أن التواصل السلمي مع العالم الإسلامي، والذي اتسم بالنفع المتبادل بين الجانبين، حقق لبيلاروس تنوعًا ثقافيًّا ثريًّا.
ومن بين أكثر الكنوز الموجودة في المعرض قيمة مخطوط «كتاب» الذي يعود للقرن التاسع عشر الميلادي، وهو من منطقة غرب بيلاروس، المخطوط مكتوب باللغة البيلاروسية ولكن باستخدام الحروف العربية. ويمتلك المتحف الوطني في بيلاروس مجموعة من الكتب المطبوعة والمنسوخة بخط اليد، تعود للمجتمع الإسلامي البيلاروسي أيام الإمبراطورية الروسية وحتى قيام الجمهورية البولندية الثانية في عشرينات القرن التاسع عشر.
ويمتلك المتحف التاريخي الوطني في جمهورية بيلاروس العديد من اللقى ذات الصلة بالعلاقات التاريخية بين بيلاروس والعالم الإسلامي، و»تجسد هذه اللقى الكثير عن العلاقات التي قامت خلال العصور السابقة بين السلافيين الشرقيين والخلافة الإسلامية؛ وعن طرق التجارة القديمة بين الشرق والغرب».
واستبقَ تدشينَ المعرض توقيعُ مذكرةِ تفاهمٍ بين المتحف الوطني العماني والمتحف التاريخي الوطني في بيلاروس، وقّع المذكرة من الجانب العماني جمال الموسوي مدير المتحف الوطني.