ما بعد مؤتمر الإعلاميات.؟ أحلام جميلة وتحديات كبيرة

فلسطين سائحة في بلدي
نوفمبر 1, 2016
دان من طين ودان من عجين صوتنا يبقى صادحا ولنا حرية الكلمة
نوفمبر 1, 2016

في طريق عودتنا من غزة إلى رفح بعد انتهائنا من المشاركة والإعداد لمؤتمر الإعلاميات الأول الخاص بنادي الإعلاميات الفلسطينيات كانت الساعة تقارب الخامسة مساءا.. كنا حوالي 12 إعلامية ( ما بين عاملة وخريجة وطالبة) ولم تكد تسير بنا الحافلة حتى تزاحمت الاتصالات.. والجميع يحاول أن يجيب إجابة واحدة نحن بالطريق سنصل قريبا، لقد تأخر الوقت قليلا لكنا معا.. إحداهن قالت هذا رابع اتصال.. أين أنت الآن؟؟ لماذا هذا التأخير؟!! كان ينبغي أن تكوني بالبيت قبل 3 ساعات على الاقل؟! وأخرى تجعل الجوال صامتا، وأخرى تحاول أن تبث الطمأنينة لعائلتها: نعم يا أمي سيوصلونني لباب البيت لا تقلقي أعرف أن الطريق لبيتنا بعيد عن العمران لكنني سأنزل على باب المنزل، سألنا بعضنا كم اتصالا تلقيتن فكانت الأغلب قد تلقين هذا الاتصال خلال المؤتمر وبعده والبعض غادر باكرا كي لا يواجهن عاصفة التساؤلات لما التأخير..؟.. إحداهن تشاجرت مع زوجها حين لم يتفهم هذا التأخير رغم علمه بالأمر وأهمية مشاركتها بالمؤتمر.؟ قائلا بيتك أولى بك من المؤتمر..!!
يستغرب البعض حين نتحدث عن التحديات الاجتماعية وهي الورقة البحثية التي تقدمت بها في الجلسة الثانية للمؤتمر وذكرت أن المسؤولية الاجتماعية تكبل المرأة وكأنها وحدها من يجب أن يتحمل هذا الدور، فالأهم من وجهة نظر المجتمع تربية الأولاد والمكوث بالمنزل ويأتي الدور الاجتماعي والنقابي والسياسي والإبداعي في آخر القطار هذا إذا تم الاعتراف بهذا الدور وأهميته.
إن محاولات الشابات للخروج عن المألوف اجتماعيا لا يتقبله المجتمع بسهولة لذلك على هؤلاء الشابات أن يحفرن بالصخر ويعلمن جيدا أن طريقهن محفوفة بالمخاطر والعراقيل، وإن لم تتشجع الشابات منذ البداية لن يتمكن من المواصلة، لقد حاولت الشابات الدارسات للإعلام أن يعبرن عن تخوفهن من الاستمرار بمشوار الصحافة حين سمعن تجارب الإعلاميات في الجلسة الثالثة من المؤتمر وبدلا من أن يفكرن فيما يمكن أن يواجهنه اخترن التوجه الأسهل، الانسحاب من المشهد الإعلامي منذ البداية.. إن رسالة الإعلاميات اللواتي أدلين بتجاربهن هي رسالة مسؤولة ومبدعة لأنهن واجهن تحديات كبيرة وتغلبن عليها ولازلن يعملن.. بعض الأيدي امتدت لهن وساعدتهن والبعض الآخر كان عقبة في طريقهن لكنهن عرفن ما يردن وهذا ما نريده من الشابات الجدد في مجال الإعلام أن تعرف ما تريد كي تكون رسولة في مهنتها للمهمشين/ات ولتتمكن من تحمل المسؤولية الإعلامية منها في هذا الموقع لا أن تكون عبء أو تحصيل حاصل لا تضع بصمتها.. إن ما تحتاجه الإعلاميات فعليا الإرادة والقوة والمثابرة.
هذا بما يتعلق بالفتيات أما المتزوجات فالأعباء تزداد أكثر عليهن لكنهن غالبا ما يتمكن عليها كثيرا، لقد حاولت إحدى الإعلاميات أن تأتي بابنها معها كي لا تفوت عليها المشاركة في المؤتمر، ونجحت أخرى بإعداد ورقة عمل وإنجازها بوقت قياسي رغم فترة امتحانات أطفالها وضغوطها الاجتماعية ومعارضة زوجها لهذا الوقت المهدور من وجهة نظره، وأخريات لم يتكلمن عما واجهن من صعوبات لكنهن أتين وحضرن وناقشن، بدت بعضهن بالقوة والإرادة والمثابرة ويمكنهن حتى لو بلغن ستون عاما قادرات على العطاء والإبداع، وأخريات بالكاد بدأن وتتوفر لهن أدوات إعلامية جديدة وبديلة لكنهن حائرات لا يعرفن هويتهن، إن دور نادي الإعلاميات يزداد مسؤولية كي يتمكن من حفر تجربته بقوة من خلال تجميع كل هذا الإثراء المتنوع من شخصيات وأفكار وأيدولوجيات، فقد تمكن هذا المؤتمر من الارتقاء عن العبء السياسي المتمثل بالانقسام الفلسطيني، وترفع عن هذا الوجع ليركز على الإعلاميات كمهنة وكإنسان، فكانت على طاولة النقاش كل ألوان الطيف السياسي، وتجالست المستقلات مع الحمساويات والفتحاويات واليساريات وباقي ألوان الطيف السياسي، لقد شاركت الإعلاميات والإعلاميين رجالا ونساءا كبارا وشبابا هذا التنوع الثقافي والفكري والجنسي كان قويا وهو بحد ذاته رسالة قوية لأصحاب القرار.. إن بإمكان النساء أن يصنعن الفرق.
إن المطلوب هو الحفاظ على إنجازات الإعلاميات الحالية والأهم هو تعميق الفهم الجندري والإنساني لدور المرأة في الإعلام، وأن نبني على تجربة العام للعام المقبل بنفس المستويات المشاركة، لذا فإن حملا كبيرا يقع على عاتق الإعلاميات ليحفرن هذه التجربة الناضجة كي نتمكن بعد سنوات معدودة على الأقل أن نشير بالبنان لوجود الإعلاميات في مستويات صنع القرار والتغيير الإعلامي بأدواتهن وعدم الارتهان للحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع الفلسطيني.
hedayapress@yahoo.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *